هذا الحديث صحيح متواتر غريب مشهور ولم يصح إلا من هذا الطريق الفرد فلم يصح عن رسول الله إلا عن عمر ولا عن عمر إلا من رواية علقمة ولا عن علقمة إلا من رواية التيمي ولا عن روايته إلا من رواية يحيى وانتشر عنه وصار مشهورا فرواه أكثر من مائتي إنسان وقد وردت لهم متابعات لا يخلو أسانيدهم عن شيء كما حققه الحافظ في " شرح النخبة " وغيره.
قالَ مُحَمَّد بن عَلّي الخشاب: رَوَى هَذَا (الحَدِيث) عَن يَحْيَى بن سعيد نَحْو من مِائَتَيْنِ وَخمسين رجلا.منهم: الحمادان: حَمَّاد بن زيد وَحَمَّاد بن سَلمَة، والسفيانان: (سُفْيَان) الثَّوْريّ وسُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَاللَّيْث بن سعد، وَيَحْيَى بن سعيد الْقطَّان، وَعبد الله بن الْمُبَارك، وَيزِيد بن هَارُون وغيرهم.
[من خرّج الحديث]
هذا الحديث رواه البخاري في " صحيحه " في سبعة مواضع: في باب الوحي بلفظ: " إنما الأعمال بالنيات " وفي كتاب النكاح بلفظ: " العمل بالنية " وفي كتاب العتق بلفظ: " الأعمال بالنية " وكذا في الهجرة وفي كتاب الأيمان بلفظ إنما الأعمال بالنية وكذا في كتاب الحيل «يَا أَيُّهَا النَّاسِ إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّة».
وعند مسلم في الجهاد " إنما الأعمال بالنية " وَأخرجه أَصْحَاب السّنَن الْأَرْبَعَة، أَبُو دَاوُد فِي «سنَنه» فِي الطَّلَاق، وَأَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ فِي «جَامعه» فِي الْحُدُود، وَأَبُو عبد الرَّحْمَن النَّسَائِيّ فِي لْإِيمَان وَالطَّهَارَة وَالرَّقَائِق وَالطَّلَاق، وَأَبُو عبد الله بن مَاجَه الْقزْوِينِي فِي «سنَنه» فِي الزّهْد، ثمَّ أَبُو الْحسن الدَّارَقُطْنِيّ، وَأَبُو بكر الْبَيْهَقِيّ فِي (سنَنَيْهِمَا)، وَأَبُو حَاتِم بن حبَان فِي «صَحِيحه»، وَلم يبْق من أَصْحَاب الْكتب الْمُعْتَمد عَلَيْهَا من لم يُخرجهُ.
وذكر ابن دحية أنه أخرجه مالك في " الموطأ " ونسبه الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " وفي " التلخيص الحبير " إلى الوهم وقال: صدر هذا الوهم من الاغترار بتخريج الشيخين له والنسائي من طريق مالك.! وردَّه السيوطي في " تنوير الحوالك " بقوله في " موطأ محمد بن الحسن " عن مالك أحاديث يسيرة زائدة على ما في سائر الموطآت منها حديث إنما الأعمال بالنية وبذلك يتبين صحة قول من عزى روايته إلى " الموطأ " ووهم من خطأه في ذلك. كما قد وهم من أزعم أن الحديث رواه غير عمر إلى أبي سعيد وأبي هريرة وهزال الأسلمي وأنس بن مالك وأكثر الأئمة على إبطال هذه الروايات كأبي حاتم وابن حجر والعراقي.
[الحكم على رجال سند الحديث]
قوله: «حدثنا الحميدي» هذا هو أحد مشايخ البخاري أبو بكر عبد الله بن عبد الله بن الزبير منسوب إلى جده الأعلى حميد، يلتقي مع النبي 0عليه السلام- في قصي بن كلاب ,وهو إمام كبير مصنف رافق الشافعي في الطلب عن ابن عينيه وطبقته، وأخذ عنه الفقه ورحل معه إلى مصر، ورجع بعد وفاته إلى مكة، وتوفي (219هـ).
وافتتح البخاري كتابة بالرواية عن الحميدي دون غيره من مشايخة لأنه قرشي، بل هو أفقه أهل قريش من أئمتنا لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «قدموا قريشاً ولا تقدموها».
ولتقديمه مناسبة أخرى وهي أنه مكي فناسب أن يذكر في أول ترجمة الوحي لأن ابتداءه كان من مكة.
قوله: «حدثنا سفيان» هو سَُِفيان بن عينيه، والضم أشهر وهو هلالي كوفي، ثم مكي، وهو من تابع التابعين سكن بمكة ومات بها، وكان من الحفاظ المتقنين، وأهل الورع والدين، ومن العلماء بكلام رب العالمين، وسنة سيد المرسلين. قال الشافعي –تلميذ سفيان- في حقه: لولا مالك وسفيان لذهب علم الحجاز. وله مواقف عظيمة جدا يرهب القضاء ويخافه.
قوله «حدثنا يحيى بن سعيد» هو سعيد بن سعيد ين قيس بن عمرو بن سهل بن ثعلبة الأنصاري تابعي، اتفق العلماء على جلالته وعدالته وحفظه، وكانت وفاته سنه أربع أو ثلاث أو ست وأربعين ومائة بالعراق، وقيل: بالهاشمية. وروي عنه عن أَبُي عبيد قال: لَيْسَ من أَخْبَار النَّبِي - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - حَدِيث أجمع وَأكْثر فَائِدَة وأبلغ من هَذَا الحَدِيث.
قوله: «أخبرنا محمد بن إبراهيم التيمي» هو عبد الله محمد بن إبراهيم الحارث بن خالد بن صخر بن عامر بن كعب بن تميم بن مرة المدني القرشي التيمي، تابعي، وتوفي (111هـ).
¥