ومنها: قوله r : (( إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ بينهما وضوءاً)) رواه مسلم، وزاد الحاكم: ((فإنه أنشط للعود)) فهذا أمر والأصل فيه الوجوب، لكن وردت قرينة تصرفه عن بابه إلى الندب وهي أنه r ثبت عنه أنه طاف على نسائه بغسل واحد ولم ينقل عنه أنه توضأ. فلو كان الوضوء واجباً لتوضأ فلما لم يتوضأ دل ذلك على أن الأمر به في الحديث أمر ندب لا أمر وجوب، ولأنه قال أيضاً في رواية الحاكم: ((فإنه أنشط للعود)) فهو أمر معلل فمن كان نشيطاً للعود أصلاً لقوته وشدة رغبته فلا يتوضأ وهذا ما يفهم من الحديث، فهذا الأمر إذاً يراد به الندب لورود القرينة الصارفة ولو لم ترد لقلنا بالوجوب لهذه القاعدة.
ومنها: تحية المسجد، فقد قال r : (( إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس)) متفق عليه، فقد أمر بتحية المسجد، والأصل في الأمر الوجوب، وقال به بعض العلماء لكن هناك قرينة تصرف الأمر عن بابه وهو حديث طلحة بن عبيد الله لما سأل النبي r عن الإسلام فقال: ((خمس صلوات في اليوم والليلة)) قال: هل عليّ غيرها، قال: ((لا، إلا أن تطوع)) فوصف ما عدا الصلوات الخمس بأنها تطوع، وكذلك لما دخل رجل المسجد يوم الجمعة وتخطى رقاب الناس قال له النبي r : (( اجلس فقد آذيت وآنيت)) ولم يأمره أن يصلي ركعتين فلو كانت واجبة لأمره بها، فهاتان القرينتان تصرفان الأمر عن بابه إلى الاستحباب وهو الصحيح إن شاء الله تعالى، ولو لم يردا، لقلنا بالوجوب لأن الأمر المطلق عن القرائن يفيد الوجوب.
ومنها: أن النبي r أمر الجنب إذا أراد أن ينام أن يتوضأ والحديث صحيح، فهذا أمر والأمر يفيد الوجوب لكن بحثنا فوجدنا أن له صارفاً وهو حديث عائشة رضي الله عنها: " أن النبي r كان ينام وهو جنب من غير أن يمس ماءً " رواه الأربعة بسندٍ حسن، فهذه القرينة صرفت الأمر عن بابه إلى الندب وهو الصواب ولو لم ترد لقلنا بالوجوب لأن الأمر المطلق عن القرائن يفيد الوجوب.
ومنها: حديث أبي هريرة مرفوعاً: " إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماءً ثم لينتثر " فهذا أمر بالانتثار وهو للوجوب ولا أعلم له صارفاً عن بابه إلى الندب بل تأيد الأمر القولي بالفعل الدائم، فنقول: الاستننثار واجب من واجبات الوضوء لأنه أمر به والأمر يفيد الوجوب إذا خلا عن القرينة.
وهكذا فقس، فأي أمرٍ وجدته فاحمله على الوجوب إلا إذا وردت القرائن الصارفة له عن بابه فاحمله على ما دلت عليه القرينة، والله أعلم وأعلى.
ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[11 - 03 - 10, 10:54 م]ـ
أخشى أن نخرج عن الموضوع
ومنها: تحية المسجد، فقد قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ((إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس)) متفق عليه، فقد أمر بتحية المسجد، والأصل في الأمر الوجوب، وقال به بعض العلماء لكن هناك قرينة تصرف الأمر عن بابه وهو حديث طلحة بن عبيد الله لما سأل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عن الإسلام فقال: ((خمس صلوات في اليوم والليلة)) قال: هل عليّ غيرها، قال: ((لا، إلا أن تطوع)) فوصف ما عدا الصلوات الخمس بأنها تطوع
وصلاة العيد؟ هي تطوع؟
، وكذلك لما دخل رجل المسجد يوم الجمعة وتخطى رقاب الناس قال له النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ((اجلس فقد آذيت وآنيت)) ولم يأمره أن يصلي ركعتين فلو كانت واجبة لأمره بها.
ما يدرينا أن الرجل لم يصلها في جانب المسجد قبل تخطيه للرقاب؟
فالثابت عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الأمر بهما لمن جلس ولم يصلهما حال خطبته.
- قال الإمام مسلم في صحيحه: (التحية والإمام يخطب)
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ ح و حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ قَالَ
جَاءَ سُلَيْكٌ الْغَطَفَانِيُّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدٌ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَعَدَ سُلَيْكٌ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَكَعْتَ رَكْعَتَيْنِ قَالَ لَا قَالَ قُمْ فَارْكَعْهُمَا ".
¥