تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولفظ حديث مسلم أصرح من هذا وهو "دخل رجل المسجد ورسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في صلاة الغداة، فصلى ركعتين في جانب المسجد ثم دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما سلم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: "يا فلان بأي الصلاتين اعتددت أبصلاتك وحدك، أم بصلاتك معنا"".

وهذا الحديث يبطل جميع التأويلات التي قال بها الحنفية وذكرها الإمام الطحاوي ومن بعدهم.

الثالثة: قال الشيخ الطحاوي: وأما من طريق النظر فإن الذين ذهبوا إلى أَنه يدخل في الفريضة ويدع الركعتين، فإنهم قالوا: تشاغله بالفريضة أولى من تشاغله بالتطوع وأفضل ..

فكان من الحجة عليهم في ذلك أنه قد أجمعوا أنه لو كان في منزله، فعلم دخول الإمام في صلاة الفجر أنه ينبغي له أن يركع ركعتي الفجر ما لم يخف فوت صلاة الإمام.

فإن خاف فوت صلاة الإمام لم يصلهما لأنه أمر أن يجعلهما قبل الصلاة. انتهى.

ويجاب على هذا بأنه حجة على من يقول بأداء ركعتي الفجر عند الإقامة في البيت وهم المالكية.

وأما الذين يكرهون أداءهما وقت الإقامة فلم يفرقوا بين أدائهما في المنزل، وغير المنزل، بل كرهوا مطلقاً لأن الزمان زمان الفريضة فكيف يصرفه أحد في غير الفريضة ومهما بلغ تأكيد ركعتي الفجر فإنهما لن يفضلا على صلاة الفرض.

ولذا نرى المتأخرين من محققي الحنفية ذهبوا إلى ظاهر أحاديث الباب، ولم يقبلوا تأويلات الطحاوي.

قال الشيخ المحقق عبد الحي اللكنوي صاحب الرفع والتكميل في التعليق الممجد [31] بعد ذكر تأويلات الطحاوي "لكنه حمل من غير دليل معتد به بل سياق بعض الروايات يخالفه. إلى أن قال: وظاهر الأخبار المرفوعة هو المنع".

وأما من شرع في النافلة فأقيمت الصلاة فمن الأفضل أن يقطع صلاته، ويدخل مع الإمام.

وقال علماء الحنفية عليه أن يتم صلاته لأن اللّه تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ}.

يقول الشيخ الكاساني الحنفي في بدائع الصنائع [32] "لأن صونه عن البطلان واجب" وخصوا النهي الوارد في حديث أبي هريرة بابتداء النافلة عند الإقامة لا عدم الاستمرار لمن دخل في النافلة قبل شروع الإقامة.

وذهب علماء الشافعية أيضاً إلى الاستمرار في إتمام النافلة ما لم يخش فوات الجماعة ففي المهذب "وإن دخل في صلاة نافلة، ثم أقيمت الجماعة، فإن لم يخش فوات الجماعة، أتم النافلة، ثم دخل في الجماعة، وإن خشي فواتها قطع النافلة لأن الجماعة أفضل".

قال النووي في شرح المهذب [33] ومراده بقوله: "خشي فوات الجماعة، أن تفوت كلها بأن يسلم من صلاته".

هكذا صرح به الشيخ أبو حامد والشيخ نصر وآخرون.

وأما الظاهرية فكما سبق ذكره بالغوا في ذلك فقالوا: لا فائدة من التسليم إذا أقيمت الصلاة.

فعلى المتطوع أن يقطع نافلته، ويدخل مع الإمام في الفريضة حتى يدرك فضيلة التحريم. وظاهر أحاديث الباب يؤيد ما قاله الظاهرية والله تعالى أعلم.

وأما استدلال الحنفية بالآية الكريمة فبعيد لأن معناها: لا تبطلوا أعمالكم بالشرك والرياء. ثم ليس هنا إبطال بل إنما هو بناء لما هو أفضل منه وقد قال الشيخ الكاساني في بدائع الصنائع [34] "إذا شرع في الفرض، ثم أقيمت الصلاة، فإن كان في صلاة الفجر يقطعها ما لم يقيد الثانية بالسجدة لأن القطع وإن كان نقصاً صورة فليس بنقص معنى. لأنه للأداء

على وجه الأكمل، والهدم ليبنى أكمل يعد إصلاحاً لا هدماً فكذلك هنا. فمن قطع ركعتي الفجر ليدرك فضيلة تكبيرة التحريم فإنه وإن كان قطعاً صورة فليس بنقص معنى، لأن ما يدركه من الجماعة أعظم أجراً، وأكثر ثواباً مما يفوته بقطع النافلة".

وقد ذكر الشيخ المحدث عبيد اللّه المباركفوري صاحب المرعاة توجيهاً حسناً في المسألة فقال: "الراجح عندي أن يقطع صلاته عند الإقامة إن بقيت عليه ركعة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم "لا صلاة بعد الإقامة إلا المكتوبة" فلا يجوز له أن يصلي ركعة بعد

الإقامة، وأما إذا أقيمت الصلاة وهو في السجدة أو التشهد فلا بأس لو لم يقطعها وأتمها لأنه لا يصدق عليه أنه صلى صلاة. أي ركعة بعد الإقامة" انتهى.

وهو الذي أرجحه في هذه المسألة واللّه تعالى أعلم بالصواب.


[1]
مسلم: 5/ 229 مع شرح النووي، أبو داود: 1/ 489 مع عون المعبود، الترمذي: 2/ 481 مع التحفة، النسائي: 1/ 129، ابن ماجه: 1/ 364، الدارمي: 1/ 337، أحمد في المسند 3/ 521،517،455،221 ابن خزيمة: 2/ 169، الخطيب: 5/ 197، 7/ 195، 12/ 213، 13/ 59.

[2]
1/ 372.

[3]
2/ 483.

[4]
/352.

[5]
1/ 372.

[6]
انظر تعجيل المنفع: 209.

[7]
شرح السنة: 3/ 362.

[8]
البخاري: 2/ 148 مع الفتح، ومسلم: 5/ 222 مع النووي، والنسائي: 3/ 117، والطحاوي: 1/ 372، وأحمد: 5/ 345.

[9]
ابن حبان (موارد الظمآن 123)، وابن خزيمة: 2/ 170، والطيالسي: 358: والحاكم: 1/ 307، والبيهقي: 2/ 982، وأما الطبراني في الكبير والبزار وأبو يعلى فكما ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد: 2/ 75.

[10]
مسلم: 5/ 224 مع شرح النووي، وأبو داود: 1/ 489 مع العون، والنسائي: 2/ 117، وابن مالك: 1/ 364: والطحاوي: 1/ 373، والبيهقي: 2/ 482.
[11]
ص 144.
[12]
5/ 185.
[13]
2/ 103.
[14]
انظر: الجرح والتعديل: 1/ 2/167، وميزان الاعتدال: 1/ 465، وقال الحافظ في التقريب: ضعيف، وكان يقبل التلقين.

[15]
انظر: الجرح والتعديل: 3/ 84_85، وميزان الاعتدال: 2/ 373، وتهذيب التهذيب: 5/ 100.

[16]
3/ 133.

[17]
2/ 483.

[18]
3/ 143.

[19]
2/ 383.

[20]
2/ 77.

[21]
2/ 436.

[22]
3/ 550.

[23]
1/ 401.

[24]
2/ 255.

[25]
2/ 443.

[26]
1/ 134.

[27]
2/ 75.

[28]
2/ 443.

[29]
1/ 375.

[30]
5/ 345.

[31]
ص 86.

[32]
2/ 722.

[33]
4/ 105.
=============================
منقول من شبكة أنا السلفي

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير