[مبحث في التقية]
ـ[عمرو بسيوني]ــــــــ[01 - 11 - 10, 02:40 م]ـ
* التقية:
التقية في اللغة هي التقوى، فـ " التُّقاة وَالتقيَّة والتقوَى والاتِّقاءُ كلُّه واحدٌ " ()، وهي " الخشية والخوف " ().
أما معنى التقية عندهم فهي إظهار موافقة المخالفين حال خوف الضرر، وعدمه، فإذا خيف الضرر وجبت التقية، وإذا لم يخف الضرر فهي مستحبة!، يقول محمد تقي الموسوي الأصفهاني في كتابه (وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام) عند ذكره الوظائف المطلوبة من الشيعة زمن غيبة إمامهم: "أن يلتزم بالتقية من الأعداء - أي أهل السنة -، ومعنى التقية الواجبة هو أن يكتم عقيدته عند احتمال الضرر العقلاني على نفسه أو ماله أو مكانته وبأن يظهر خلاف عقيدته إذا اقتضى ذلك لسانه فيحفظ نفسه وماله ويضمر عقيدته الصحيحة في قلبه" ().فهذه هي الواجبة حال الخوف من الضرر.
أما التي ليست لخوف الضرر، وإنما هي لتحبيب المخالفين ومداهنتهم و مداراتهم فيقول الخميني: "فتارة تكون التقية خوفاً وأخرى تكون مداراة .. والمراد بالمدارة أن يكون المطلوب فيها نفس شمل الكلمة ووحدتها بتحبيب المخالفين وجر مودتهم من غير خوف ضرر كما في التقية خوفاً وسيأتي التعرض لها وأيضاً قد تكون التقية مطلوبة لغيرها وقد تكون مطلوبة لذاتها وهي التي بمعنى الكتمان في مقابل الإذاعة على تأمل فيه" ().
ويقول: "وليعلم أن المستفاد من تلك الروايات صحة العمل الذي يؤتى به تقية سواء كانت التقية لاختلاف بيننا وبينهم في الحكم كما في المسح على الخفين والإفطار لدى السقوط أو في ثبوت الموضوع الخارجي كالوقوف بعرفات اليوم الثامن لأجل ثبوت الهلال عندهم" ().
ـ منزلة التقية:
والتقية لها أهمية عظيمة في الدين عندهم، و ورد في الحث عليها والترغيب فيها، وإيجابها من الروايات الشيء الكثير، فروى الكليني في الكافي عن معمر بن خلاد قال: سألت أبا الحسن عن القيام للولاة فقال: قال أبو جعفر: "التقية من ديني ودين آبائي ولا إيمان لمن لا تقية له" ().
وروى عن أبي عبد الله أنه قال: "يا أبا عمر إن تسعة أعشار الدين في التقية، ولا دين لمن لا تقية له، والتقية في كل شيء إلا في النبيذ والمسح على الخفين" ().
وروى عن الصادق قال: "سمعت أبي يقول: لا والله ما على وجه الأرض شيء أحب إليَّ من التقية، يا حبيب إنه من كانت له تقية رفعه الله، يا حبيب من لم تكن له تقية وضعه الله، يا حبيب إن الناس إنما هم في هدنة فلو قد كان ذلك كان هذا" ().
وروى عن أبي عبد الله قال: "التقية ترس الله بينه وبين خلقه" ()، وروى عن أبي عبدي الله قال: "… أبى الله عز وجل لنا ولكم في دينه إلا التقية" ()، وروى عن أبي عبد الله قال: "كان أبي يقول: أي شيء أقر لعيني من التقية إن التقية جُنة المؤمن" ().
و عقد محمد بن الحسن بن الحر العاملي في وسائل الشيعة باباً بعنوان "باب وجوب الاعتناء والاهتمام بالتقية وقضاء حقوق الإخوان" ()، و باباً بعنوان "باب وجوب عشرة العامة بالتقية" ().
وروى الحر العاملي في وسائل الشيعة عن أمير المؤمنين قال: "التقية من أفضل أعمال المؤمنين" ()، وفي وسائل الشيعة عن علي بن الحسين قال: يغفر الله للمؤمن كل ذنب ويطهره منه في الدنيا والآخرة ما خلا ذنبين: ترك التقية وتضييع حقوق الإخوان" ()، و عن الصادق قال: "ليس منا من لم يلزم التقية" ()، وفي جامع الأخبار قال أبو عبد الله عليه الصلاة و السلام: "ليس من شيعة علي من لا يتقي" (). وفيه عن النبي: "تارك التقية كتارك الصلاة" ().!!
ويقول الصدوق: " "واعتقادنا في التقية أنها واجبة من تركها كان بمنزلة من ترك الصلاة .. والتقية واجبة لا يجوز رفعها إلى أن يخرج القائم فمن تركها قبل خروجه فقد خرج من دين الله وعن دين الإمامية وخالف الله ورسوله والأئمة" ().
فانظر إلى مبالغتهم وتهويلهم في شأنها، حيث رووا في أهميتها و وجوبها وأن تاركها ليس من الدين، أكثر مما رووا في ترك الصلاة والزكاة، وهكذا شأنهم مع كل الأصول البدعية التي يقررونها، فترى كأنهم يحاولون التغطية على ابتداعهم إياها بتهويل أمرها، واختراع الكذب ونفخه في الحث عليها والأمر بها.
ـ التقية والإكراه:
¥