تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[نقد موقف ابن عقيل الظاهري من الوقف في القران]

ـ[ابو مهند العدناني]ــــــــ[23 - 11 - 10, 03:25 ص]ـ

قال: ومن جزم بأن القرآن مخلوق لزمه أن القرآن خالق؛ إذْ لا ثالثَ مرفوعٌ بين خالق ومخلوق.

صوابه: من جزم بأن القران غير مخلوق لزمه ...

لكن الوفاء بموجب هذه الحجة يستلزم الجزم بكون القران مخلوقا، لأنه إذا كان القول بأن القران غير مخلوق يلزم منه كون القران خالقا، وليس هو خالقا بالاتفاق، وجب الجزم بكونه مخلوقا.

وبعبارة أخرى: إذا كان اللازم باطلا كان الملزوم باطلا.

فكيف يقول إن لازم هذا القول باطل ثم يتوقف في نفيه، فكل ما استلزم الباطل وجب إن يكون باطلا ضرورة.

وكل معتقد أفضى إلى الباطل فهو باطل قطعا.

فإذا كان القول بأن القران غير مخلوق يفضي إلى أن يكون القران خالقا، وهو باطل، فما أفضى إليه باطل.

وهو جزم بأنه يؤدي إلى الباطل ثم توقف فيه.

ثم هو يقول إن الجزم بأحد القولين من الغيب ثم يستدل على استلزام أحد القولين للمحال العقلي، والغيب الذي يجب التوقف فيه هو الذي لا يمكن نيله ببرهان شرعي أو عقلي، ولا يلزم من فرض وقوعه محال عقلي.

وهو قد أقام البرهان على استلزام أحدهما للمحال الشرعي والعقلي، وما كان مستلزما للمحال وجب القطع ببطلانه، لا التوقف فيه.

والتوقف فيه يعني: عدم جواز الجزم بأحد القولين، والتوقف مع الإقرار بكون أحد القولين مستلزما للباطل تناقض.

وجعل سنده في هذا الاستلزام هو ارتفاع الوسط الثالث، فقال:

إذْ لا ثالثَ مرفوعٌ بين خالق ومخلوق.

وصواب العبارة: إذ لا ثالث غير مرفوع بين خالق ومخلوق.

لأن الثالث المرفوع: هو الوسط الثالث الممتنع، أو الحالة الثالثة المستبعدة، وهي رفع النقيضين أو جمعهما، وهو هنا: أن يكون غير مخلوق وغير خالق.

وهو قال: لا ثالث مرفوع، أي: لا ثالث ممتنع، فتكون الحالة الثالثة غير ممتنعة، وهو يريد إثبات أن الحالة الثالثة ممتنعة.

والتوقف يستلزم تجويز وجود وسط ثالث غير مرفوع، أو الجزم بأنه مخلوق، وإلا مع الجزم بارتفاع الوسط الثالث لا يصح التوقف.

وحكى عنهم انتفاء هذا اللازم لوجود الوسط الثالث بين كونه غير مخلوق وغير خالق وهو كونه حادثا غير مخلوق.

وجعله مبنيا على أن الخلق الذي هو فعل الله محدث ولكنه غير مخلوق.

ومنعه بحجة أن فعل الله لا أول له ولا نهاية.

وجاء في كلامه: أن القرآن له بداية ونهاية بين دِفَّتي المصحف.

فيلزم على هذه المقدمات الجزم بأن القران مخلوق، لا التوقف كما هو مذهبه.

ويمكن نظم حجته على هذا الشكل:

كلام الله هل هو مخلوق أم لا: مبني على فعل الله هل هو محدث غير مخلوق، أم لا، لكن فعل الله غير محدث، لأنه أول بلا بداية، وآخر بلا نهاية، والمصحف له أول ونهاية، فيكون مخلوقا.

وهو قرر المقدمات الدالة على كونه مخلوقا، ثم توقف في النتيجة، وهذا تناقض ظاهر.

وقال: ثم يتعيَّن حينئذ على هذه الدعوى الباطلة أن القرآن يَخلق غيره.

ومقصوده بالدعوى إما نفس الدعوى المبحوثة وهي كون القران غير مخلوق، أو ما بُنيت عليه وهي كون فعل الله محدثا غير مخلوق، وأيا ما كان فوصفه لهذا القضية بالبطلان يناقض التوقف الذي يذهب إليه، لأنها إذا كانت باطلة أو مبنية على الباطل لم تكن قضية متوقفا فيها، بل مجزوما ببطلانها: موصوفة بالباطل، فكيف يجتمع في قضية واحدة الوصف بالبطلان والوصف بالتوقف.

ولا فرق بين أن توصف القضية بالبطلان أو يُوصف ما توقفت عليه بالبطلان، لأن ما أفضى إلى المحال محال، وما أفضى إلى الباطل وجب أن يكون باطلا ضرورة.

وهو وَصَفها بالبطلان ثم رتب عليها لازما ممتنعا وهو: أن القران يخلق غيره.

وإذا كان اللازم ممتنعا باطلا عقلا وشرعا، كان التوقف في ملزومه تركا لموجب الدليل، ومعاندة للحق.

ثم قال: كما أنه محدث بنص القرآن في سورتي الأنبياء والشعراء.

وتقدم أنه قال: لا يكون الشيء محدثا غير مخلوق.

واللازم من هاتين المقدمتين هو أن القران مخلوق، وهو يناقض التوقف الذي يذهب إليه.

ثم قال: وأن الكلام ليس صفة لله، بل صفته أنه يتكلم وفعله التكلم والتكليم.

فإذا كان التكليم فعله، فالكلام مفعوله، وقد قال قبل ذلك: وإنما يحدث بفعلِ الله مفعولُه.

فيكون القران مفعولا مخلوقا له.

والنتيجة المولدة من هاتين المقدمتين يناقض التوقف الذي يعتقده.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير