[الولاء والبراء من أهم أصول الإيمان]
ـ[أبو مارية الشامي]ــــــــ[12 - 11 - 10, 11:50 م]ـ
[الولاء والبراء من أهم أصول الإيمان]
بقلم الشيخ؛ صفاء الضوِّي العدوي
الولاء معناه: المحبة والمودة والقرب والنصرة، والبراء هو البغض والعداوة والبعد، والولاء والبراء أمر قلبي في أصله .. لكن يظهر على اللسان والجوارح .. فالولاء لا يكون إلا لله تعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم- وللمؤمنين كما قال سبحانه: ((إنَّمَا ولِيُّكُمُ اللَّهُ ورَسُولُهُ والَّذِينَ آمَنُوا .. )) .. فالولاء للمؤمنين يكون بمحبتهم لإيمانهم، ونصرتهم، والإشفاق عليهم، والنصح لهم، والدعاء لهم، والسلام عليهم، وزيارة مريضهم وتشييع ميتهم ومواساتهم وإعانتهم والسؤال عن أحوالهم، وغير ذلك من وسائل تحقيق هذا الولاء.
والبراءة من الكفار تكون: ببغضهم - ديناً – وعدم بدئهم بالسلام وعدم التذلل لهم أو الإعجاب بهم، والحذر من التشبه بهم، وتحقيق مخالفتهم – شرعاً – وجهادهم بالمال واللسان والسنان، والهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام وغير ذلك من مقتضيات البراءة منهم.
إن الولاء والبراء من الإيمان، بل هو شرط فيه، كما قال سبحانه: ((تَرَى كَثِيراً مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وفِي العَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ * ولَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ والنَّبِيِّ ومَا أُنزِلَ إلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ ولَكِنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ)) [المائدة:80 - 81].
ويبين شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن هذه الآية تضمنت جملة شرطية تقتضي أنه إذا وجد الشرط وجد المشروط؛ فحرف " لو" تقتضي مع الشرط انتفاء المشروط. قال تعالى: ((ولَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ والنَّبِيِّ ومَا أُنزِلَ إلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ)) قال شيخ الإسلام: فدل ذلك على أن الإيمان المذكور ينفي اتخاذهم أولياء ويضاده، إذ لا يجتمع الإيمان واتخاذهم أولياء في القلب. اهـ
قال تعالى: ((لا يَتَّخِذِ المُؤْمِنُونَ الكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ المُؤْمِنِينَ ومَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إلاَّ أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً ويحذركم الله نفسه)) [آل عمران 28].
يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية: "نهى تبارك وتعالى عباده المؤمنين أن يوالوا الكفار، وأن يتخذوهم أولياء يسرون إليهم بالمودة من دون المؤمنين، ثم توعد على ذلك فقال تعالى: ((ومَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ)) أي ومن يرتكب نهي الله في هذا فهو بريء من الله، كما قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ المُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً .. )) [النساء 144]، وقال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا اليَهُودَ والنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ومَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإنَّهُ مِنْهُمْ)).
البراء من الكفار أوثق عرى الإيمان:
والولاء والبراء أوثق عُرى الإيمان، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: " أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله " رواه أحمد وهو حديث حسن.
وروى الإمام أحمد أيضاً من حديث جرير بن عبد الله البجلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بايعه على أن " تنصح لكل مسلم، وتبرأ من الكافر ". وهو حديث حسن
قال أحد كبار العلماء: إنه ليس في كتاب الله تعالى حكم فيه من الأدلة أكثر ولا أبين من هذا الحكم أي الولاء والبراء، بعد وجوب التوحيد وتحريم ضده.
وعلى الرغم من وضوح هذه القضية وضوحاً لا يقبل الالتباس إلا أن قطاعاً كبيراً من المسلمين جهلوا هذه الحقيقة، وذهلوا عن هذا الأصل العظيم، فترتب على ذلك أن دخلت الأمة () في طاعة الكافرين، ووالت اليهود والنصارى، وركنت إليهم ركوناً مهيناً، والتمست صلاح دنياها بذهاب دينها، فما صلحت لها الدنيا ولا هي أبقت على دينها كما يجب.
وبرزت صور موالاة الكفار في أمور منها:
¥