تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الدليل على أن ابن كثير لم يكن أشعريّا

ـ[أم عبد الله ش م]ــــــــ[27 - 11 - 10, 01:33 م]ـ

السلام عليكم

الدليل في أقوال ابن كثير رحمه الله في كتابيه "طبقات الشافعيين" و"البداية والنهاية":

1. قال رحمه الله في "طبقات الشافعيين" في ترجمة أبي الحسن الأشعري:

(قلتُ: ذكروا للشيخ أبي الحسن الأشعري، رحمه الله، ثلاثة أحوال، أولها: حال الاعتزال، التي رجع عنها لا محالة، والحال الثاني: إثبات الصفات العقلية السبعة، وهي: الحياة، والعلم، والقدرة، والإرادة، والسمع، والبصر، والكلام، وتأويل الخبرية كالوجه، واليدين، والقدم، والساق، ونحو ذلك، والحال الثالثة: إثبات ذلك كله من غير تكييف، ولا تشبيه، جريا على منوال السلف، وهي طريقته في الإبانة التي صنفها آخرا، وشرحه القاضي الباقلاني، ونقلها أبو القاسم ابن عساكر، وهي التي مال إليها الباقلاني، وإمام الحرمين، وغيرهما من أئمة الأصحاب المتقدمين، في أواخر أقوالهم، والله أعلم.)

أ - قوله: (الحال الثالث: إثبات ذلك كله من غير تكييف ولا تشبيه) يعني بـ"كله": الصفات التي ذكرها في الحال الثانية؛ العقلية والخبرية.

فإن قال قائل: قصد ابن كثير بذلك تفويض المعنى، أي أنهم فوضوا معاني تلك الصفات.

الجواب: إذا كان قصده تفويض المعنى فسيلزم من ذلك أنه يقول بتفويض معنى الصفات العقلية أيضا، حيث أنه قال "إثبات ذلك كله ... " فلم يستثني شيئا، فيشمل العقلية أيضا، ولم يفرق بينهما في طريقة الإثبات. فإما أن تقولوا بأن مقصوده هو إثبتها كلها على ظاهرها، أو إثباتها كلها إثبات لفظ فقط، مع تفويض معناها.

ومما يؤكد ما قلته في مقصود بـ"كله"، قوله في موضع آخر في "طبقات الشافعيين":

((قلتُ: أما طريقة الشيخ أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري في الصفات بعد أن رجع عن الاعتزال، بل وبعد أن قدم بغداد، وأخذ عن أصحاب الحديث كزكريا الساجي وغيره، فإنها من أصح الطرق وللمذهب، فإنه يثبت الصفات العقلية والخبرية، ولا ينكر منها شيئًا، ولا يكيف منها شيئًا، وهذه طريقة السلف والأئمة من أهل السنة والجماعة، حشرنا الله في زمرتهم وأماتنا على اتباعهم ومحبتهم، إنه سميع الدعاء جواد كريم.))

فقال بأن الأشعري أثبت الصفات العقلية والخبرية، وقد ذكر في الموضع الذي قبله بأن الخبرية تشمل صفة الوجه واليدين .. إلخ.

ولاحظ أن ابن كثير رحمه الله ذكر مع الصفات الخبرية: "القدم" و"الساق"، وهي من الصفات التي لا يثبتها الأشاعرة لا قديما ولا حديثا، بخلاف الوجه واليدين والعينين، فإن الأشاعرة المتقدمين يثبتونها على ظاهرها كما قال الجويني في "الإرشاد"، أما القدم والساق فيأولونها.

قال الجويني رحمه الله في "الإرشاد" (ص155 و157 - 158):

(ذهب بعض أئمتنا إلى أن اليدين، والعينين، والوجه، صفات ثابتة للرب تعالى، والسبيل إلى إثباتها السمع دون قضية العقل، والذي يصح عندنا: حمل اليدين على القدرة، وحمل اليمين على

البصر، وحمل الوجه على الوجود. ومن أثبت هذه الصفات السمعية وصار إلى أنها زائدة على ما دلت عليه دلالات العقول ... ومن سلك من أصحابنا سبيل إثبات هذه الصفات بظواهر هذه الآيات، ألزمه سوق كلامه أن يجعل الاستواء والمجيء والنزول والجنب من الصفات تمسكا بالظاهر، فإن ساغ تأويلها فما يتفق عليه، لم يبعد أيضا طريق التأويل فيما ذكرناه.)

ب - قوله: (وهي طريقته في الإبانة ... وهي التي مال إليها الباقلاني وإمام الحرمين ... في أواخر أقوالهم ... )؛ قوله" (في أواخر أقوالهم) دليل على أنه قصد غير عقيدة الأشاعرة اليوم،

حيث أن الجويني رحمه الله كان في حياته على عقيدة أشاعرة اليوم، والعقيدة التي ذُكرت عنه في آخر حياته ليست هي عقيدة الأشاعرة، ولو كان ابن كثير رحمه الله يقصد بها عقيدة الأشاعرة لما قيدها بـ"آخر حياتهم".

وهذا يوضح مقصود ابن كثير رحمه الله من قوله بأنه "أشعري" فيما رُوي عنه - إن صح عنه-:

"ومن نوادره أنه وقع بينه وبين عماد الدين ابن كثير منازعة في تدريس الناس فقال له ابن كثير: "أنت تكرهني لأنني أشعري"، فقال له: لو كان من رأسك إلى قدمك شعر ما صدقك الناس في

قولك أنك أشعري وشيخك ابن تيمية."

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير