تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[تهوك السبكي في إنكار (عروس القصائد في شموس العقائد)]

ـ[عبدالمصور السني]ــــــــ[19 - 11 - 10, 12:40 ص]ـ

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد سيد المرسلين وعلى آله والتابعين.

وبعد:

فإن غلو السبكي (الابن) في الأشعرية، والطعن في مذهب أهل السنة معروفٌ مشهورٌ لكل من قرأ كتابه (طبقات الشافعية الكبرى)، [وهو في الجملة لونٌ عجيب وبناء غريب، تارة يسلك فيما ينصره ويقويه مسلك المجتهدين فيكون مخطئًا في ذلك الاجتهاد، ومرة يزعم فيما يقوله ويدعيه أنه من جملة المقلدين، فيكون من قلده مخطئًا في ذلك الإعتقاد ..... هذا مع أنه حمله إعجابه برأيه، وغلبة اتباع هواه على أنه نسب سوء الفهم والغلط في النقل إلى جماعة من العلماء الأعلام المعتمد عليهم في حكاية مذاهب الفقهاء ... ] (1) ولعل ذلك يتضح بذكر مثال يتضح به المقال، يُجَلّي حال الرجل، وهو ما ورد في ترجمة الإمام الكَرَجيّ الشافعيّ صاحب القصيدة المشهورة في السُّنة الملقبة بـ (عروس القصائد في شموس العقائد) المتوفى سنة 532 هـ، أسوقها هنا بإسهابٍ حتى يتبين لكل ذي لبٍّ مدى انحراف الرجل عن جادةِ الحقِ، بل والطعن في كل ما ليس أشعري!!

ترجمة الإمام أبي الحسن محمد بن عبدالملك الكَرَجيّ الشَّافعيّ:

قال الإمام الذهبي – رحمه الله تعالى -:

ولد سنة ثمانٍ وخمسين وأربع مئة، وسمع مكي بن منصور السَّلاَّر، وجده أبا منصور الكَرَجي. وسمع بهمَذَان أبا بكر بن فنجويه الدِّيْنَوَريّ، وغيره، وبإصبهان أحمد بن عبد الرحمن الذَّكْواني، وببغداد أبا الحسن ابن العَلاف، وابن بيان.

وحدَّث؛ روى عنه ابن السَّمعاني، وأبو موسى المدينيّ، وجماعة.

قال ابنُ السَّمعاني: رأيته بالكَرَج، إمامٌ، ورعٌ، فقيهٌ، مفتٍ، محدِّث خَيِّرٌ، أديبٌ، شاعر، أفنى عُمُره في جمع العلم ونشره، وكان لا يقنت في الفجر ويقول: قال الشَّافعيّ: إذا صح الحديث فاتركوا قولي وخُذُوا بالحديث. وقد صح عندي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ترك القنوت في صلاة الصُّبح.

وله القصيدة المشهورة في السُّنة، في نحو مئتي بيت، شرح فيها عقيدة السَّلف، وله تصانيف في المذهب والتَّفْسير. كتبتُ عنه الكثير، وتوفي في شعبان.

قلت: أولها:

محاسنُ جسمي بُدِّلَت بالمعايب === وشَيَّب فودي شوب وصل الحبائبِ

منها:

عقائدهم أنَّ الإله بذاته === على عرشه مع عِلمِهِ بالغوائبِ

ومنها:

ففي كَرَج –واللهِ- من خَوف أهلها === يذوبُ بها البِدعيُّ بأشرِّ ذائبِ

يموت ولا يقوى لإظهار بدعةٍ === مخافةَ حزِّ الرأسِ من كل جانبِ

ومن شعره:

العلم ما كان فيه قال حدَّثنا === وما سواه أغاليط وأظلامُ

دعائم الدين آياتٌ مبينةٌ === وبيناتٌ من الأخبار أعلام. اهـ

(تاريخ الإسلام) 11/ 578 - 579

وقد حاول تاج الدين السُّبكيّ الأشعري الطعن في صحة نسبة هذه القصيدة عندما ترجم لأبي الحسن الكَرَجي في (طبقات الشافعية الكبرى) حيث قال:

قال ابن السَّمعانيّ: وله قصيدةٌ بائيةٌ في السُّنة، شرح فيها اعتقاده، واعتقاد السَّلف تزيد على مئتي بيتٍ قرأتها عليه في داره بالكَرَج.

قلتُ [السُّبكيّ]: ثبت لنا بهذا الكلام - إن ثبت - أن ابن السَّمعانيّ قاله، أنَّ لهذا الرجل قصيدةً في الاعتقادِ على مذهب السلفِ، موافقةً للسُّنة، وابن السَّمعانيّ كان أشعريَّ العقيدة، فلا نعترف بأن القصيدة على السُّنة واعتقاد السَّلف، إلا إذا وافقت ما نعتقد أنه كذلك وهو رأيُ الأشعريّ.

إذا عرفت هذا فاعلم أنا وقفنا على قصيدةٍ تعزى إلى هذا الشيخ وتلقَّب بـ (عروس القصائد في شموس العقائد) نال فيها من أهل السُّنة، وباح بالتجسيم، فلا حيَّا الله معتقدها ولا حيَّى قائلها كائنًا من كان، وتكلَّم فيها في الأشعري أقبح كلامٍ، وافترى عليه أيَّ افتراء.

ثم رأيت شيخنا الذهبيَّ حكى كلام ابن السَّمعانيّ الذي حكيتُه ثم قال: قلت: أولها:

محاسنُ جسمي بُدِّلَت بالمعايبِ === وشَيَّب فودي شوبُ وصل الحبائبِ

ومنها:

عقائدهم أنَّ الإلهَ بذاتِه === على عرشه مع عِلمِهِ بالغوائبِ

ومنه:

ففي كَرَجٍ واللهِ من خَوف أهلها === يذوبُ بها البِدعيُّ بأشرِّ ذائبِ

يموت ولا يقوى لإظهار بدعةٍ === مخافةَ حزِّ الرأسِ من كل جانبِ

انتهى ما حكاه الذهبيّ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير