تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقوله تعالى: (مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً) [النحل: 106]، وقوله تعالى: (وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) [البقرة: 195]، وقوله تعالى: (إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً) [النساء: 98].

واستدلوا كذلك بالحديث فمنها الكلام على ما يتعلق بآية الإكراه من سبب نزولها في السنة فقال القرطبي: "وقد نزلت هذه الآية في عمار بن ياسر في قول أهل التفسير، لأنه قارب بعض ما ندبوه إليه، قال ابن عباس: أخذه المشركون، وأخذوا أباه وأمه سمية، وبلالا "وخبابا و " سالما " فعذبوهم، و ربطت سمية بين بعيرين، ووجئ قبلها بحربة، وقيل لها: إنك أسلمت من أجل الرجال، فقتلت وقتل زوجها ياسر، وهما أول قتيلين في الإسلام، وأما عمار فأعطاهم ما أرادوا بلسانه مكرها "، فشكاذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف تجد قلبك؟، قال: مطمئن بالإيمان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإن عادوا فعد ().

وروى الترمذي عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما خير عمار بين أمرين، إلا اختار أرشدهما ()، وفي هذا دليل على أن التقية التي اختارها عمار كانت أرشد هنا " ().

وقال البخاري تعليقا على قوله تعالى (إلا المستضعفين): " فعذر الله المستضعفين الذين لا يمتنعون من ترك ما أمر الله به والمكره لا يكون إلا مستضعفا غير ممتنع من فعل ما أمر به وقال الحسن التقية إلى يوم القيامة وقال ابن عباس فيمن يكرهه اللصوص فيطلق ليس بشيء وبه قال ابن عمر وابن الزبير والشعبي والحسن " ()

وروى البخاري في صحيحه (باب ما يجوز من اغتياب أهل الفساد والريب)، أن عائشة رضي الله عنها أخبرته، قالت: استأذن رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إئذنوا له، بئس أخو العشيرة، أو ابن العشيرة، فلما دخل ألان له الكلام، قلت: يا رسول الله، قلت الذي قلت، ثم ألنت له الكلام، قال: أي عائشة، إن شر الناس من تركه الناس - أو ودعه الناس - اتقاء فحشه.

وقال:" ويذكر عن أبي الدرداء: إنا لنكشر في وجوه قوم، وإن قلوبنا لتلعنهم " ().

*الجواب:

1 ـ لا خلاف بين المسلمين أجمعين = أن حصول الإكراه المؤثر على حرية إرادة الإنسان واختياره، من إتلاف النفس أو العضو أو المال أو الأهل = أنه يبيح له ضروبا من الأقوال و الأفعال: لولا ذلك الإكراه لكانت محرمة، ثم يدخل في مفهوم ذلك الإكراه وما يبيحه في كل حالة تفصيل كثير، لكن الشاهد أن هذا الأصل معتبر في الشرع، لا خلاف فيه، والأدلة عليه معروفة مشتهرة، كقوله تعالى (إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ) [النحل: 106]، واعتمد ذلك أهل العلم فشقوا من ذلك قاعدتين من قواعدهم الفقهية الخمس الكبرى وهما (المشقة تجلب التيسير)، و (الضرر يزال).

2 ـ إذا قررنا ذلك، فجعل مناط الاختلاف بين المسلمين والإمامية في اعتبار التقية أنها الإكراه = مغالطة محضة وتمويه، وإنما النزاع في التقية التي مفادها (إخفاء الدين)، ومنافقة الناس دون إكراه مؤثر، وإنما لمحض إخفاء الدين، أو لجلب مصالح دنيوية بحتة ببذل عوض ديني، أو لمجاملة المخالف أو مداراته، والكذب عليه وغشه في تبيين الحقائق الدينية الصحيحة، فهذا مما لا يجوز في دين الله، فالله أمر الناس بالدعوة إلى دينه، وإذاعته وإظهاره مع القدرة، ولم يجز الكذب على الله، والافتراء عليه، ولم يبح الشرع الكذب إلا في ثلاث () ليس منها تقريب الكفار إلى الدين!،وقد أسلفنا من الروايات والنقول عن الإمامية الشيء الكثير في استحباب التقية حال عدم الخوف والضرر، وأنها مطلوبة لاستمرار التشيع لذاته، ومما يدل على ذلك دلالة واضحة، ما رواه الكليني في الكافي عن سليمان بن خالد قال: قال أبو عبد الله: "يا سليمان إنكم على دين من كتمه أعزه الله ومن أذاعه أذله الله" ().

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير