تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الْفَرِيقَيْنِ قَدْ بُسِطَتْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ. وَعَامَّةُ السَّلَفِ وَأَئِمَّةُ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْمُتَجَدِّدَ أَمْرٌ ثُبُوتِيٌّ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ النَّصُّ،وكون العلم متعلقاً بغيره، مثل كون القدرة متعلقة بغيره.

وكما أن القدرة صفة كمال، لا يقدح فيها أنه لا بد لها من مقدور، فالعلم كذلك وأولى، لأنه يتعلق بنفسه ويتعلق بغيره، والقدرة لا تكون قدرةً إلا على غيره.

ما ذكرناه من أن الأعيان الذين يتعلق بهم العلم والقدرة هم مخلوقاته، الذين لم يشركه أحد في خلقهم، وهم كلهم محتاجون إليه لا إلى غيره، فما في الوجود إلا نفسه ومخلوقاته، التي لا وجود لها إلا بنفسه، فلم يكن تعلق صفاته بمخلوقاته، بأعظم من تعلق ذاته بهم، وكما أن تعلق ذاته بهم هو من كماله لا من نقصه، فتعلق علمه وقدرته بهم كذلك، ومعلوم أن وجود ذاته دون لوازم ذاته ممتنع باتفاق العقلاء، فيمتنع عند المسلمين وجوده بدون علمه وقدرته. علم الشيء موجوداً بعد أن علمه معدوماً، وأن هذا الثاني فيه زيادة على الأول، فهؤلاء يقولون: لم يحصل المعلوم والعلم الثاني إلا بقدرته ومشيئته، فما استفاد شيئاً من غيره، ولا كمل بغير نفسه.

ويقولون: إن ما لا يكون إلا بمشيئته وقدرته، يمتنع وجوده في الأزل، ووجوده بقدرته ومشيئته أكمل من عدم وجوده، فوجوده على هذه الحال هو غاية الكمال، وعدم هذا الكمال هو النقص الذي يجب تنزيهه عنه، فإنه كمال ممكن الوجود لا نقص فيه، وكل ما كان كذلك كان واجباً له، إذ لو لم يكن واجباً له، لكان: إما ممتنعاً -وهو خلاف الفرض- أو ممكناً، وحينئذ فالمقتضى له هو ذاته بلوازمها، وقد وجد ذلك، فيجب وجوده، وإلا فيكون ممتنعاً.

وهو خلاف الفرض، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّهُ إذَا كَانَ يَسْمَعُ وَيُبْصِرُ [ويعلم] الْأَقْوَالَ وَالْأَعْمَالَ بَعْدَ أَنْ وُجِدَتْ؛ فَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ تَجَدُّدٌ وَكَانَ لَا يَسْمَعُهَا وَلَا يُبْصِرُهَا فَهُوَ بَعْدَ أَنْ خَلَقَهَا لَا يَسْمَعُهَا وَلَا يُبْصِرُهَا. وَإِنْ تَجَدَّدَ شَيْءٌ: فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ وُجُودًا أَوْ عَدَمًا؛ فَإِنْ كَانَ عَدَمًا فَلَمْ يَتَجَدَّدْ شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ وُجُودًا: فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ قَائِمًا بِذَاتِ اللَّهِ أَوْ قَائِمًا بِذَاتِ غَيْرِهِ وَ " الثَّانِي)) يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْغَيْرُ هُوَ الَّذِي يَسْمَعُ وَيَرَى فَيَتَعَيَّنُ أَنَّ ذَلِكَ السَّمْعَ وَالرُّؤْيَةَ الْمَوْجُودَيْنِ قَائِمٌ بِذَاتِ اللَّهِ وَهَذَا لَا حِيلَةَ فِيهِ.))

ملفق من: [درء التعارض 9/ 382 - 423]،و [ومجموع الفتاوى (8/ 496)(12/ 95)،و (6/ 228)].

وانظر: ((مجموع الفتاوى)) (6/ 105) وما بعدها.

ـ[أحمد الغريب]ــــــــ[28 - 11 - 10, 10:47 م]ـ

حيا الله الشيخ أبا فهر وحيث نقلت ما لفقت من كلامه فهاك بيانه ..

((ونذكر من ذلك وجهين أحدهما لابن جرير والآخر للمحققين كشيخ الإسلام ابن تيمية وغيره.

قال ابن جرير رحمه الله في قوله ?إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ? قال ?لِنَعْلَمَ? أضاف الله جل وعلا العلم لنفسه وذلك لأنه أراد (إلا ليعلم رسولي وأوليائي والمؤمنون) وذلك أن الله جل وعلا جمع هنا ونسبه لنفسه كما ينسب العظيم الشيء لنفسه وإن لم يباشره ومَثَلَ عليه بقول القائل (فتح عمر سواد العراق) و (فتح عمر فارس) يعني فتحه بجنوده، واستشهد لذلك واستدل عليه بالحديث المعروف الذي رواه مسلم - لكن طبعا ابن جرير لا يعزو لمسلم - قال الله (يا عبدي مرضت فلم تعدني و استقرضتك ولم تقرضني قال كيف أعودك وأنت رب العالمين قال ألم تعلم أن عبدي فلان مرض فلم تعده ولو عدته لوجدتني عنده) ساق بعض هذا باللفظ الذي يرويه ابن جرير رحمه الله قال هذا فيه أن الله جل وعلا أضاف الفعل لنفسه قال (مرضت فلم تعدني) (مرضت) والذي مرض هو عبده فيكون المعنى في قوله ?إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ? أي إلا ليعلم رسولي وأوليائي والمؤمنون ?مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ?.

والوجه الثاني أن العلم قسمان:

" علم باطن.

" وعلم ظاهر.

والله جل وعلا يعلم الأشياء قبل وقوعها ولكن علمه بالأشياء قبل وقوعها لا يحاسب عليه العباد ولا يذم العباد به

وإنما يحاسب العباد فيجزيهم على أعمالهم فيثيب المحسن ويعاقب المسيء إذا عملوا ذلك ظاهرا وصار علمه ظاهرا لأنه قبل أن يعملوه فليس من العدل أن يحاسبهم على شيء لم يعملوه، فلهذا قال جل وعلا ?إِلاَّ لِنَعْلَمَ? قال المحققون يعني إلا ليظهر ما علمناه، فيترتب على ظهور العلم المحاسبة لهم وجزاء المحسن الذي اتبع الرسول وجزاء المذنب المسيء المنافق الذي انقلب على عقبيه وهذا هو قول جمع من المحققين كشيخ الإسلام وغيره.

فالعلم هنا بمعنى الظهور ظهور العلم ?إِلاَّ لِنَعْلَمَ? يعني إلا ليظهر علمنا في هؤلاء، وهذا في المواضع التي في القرآن التي فيها إضافة العلم إلى الله جل وعلا للأمور بعد وقوعها ليس المراد أنه لا يعلم الأشياء إلا بعد وقوعها بل هو جل وعلا يعلم ما كان وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف كان يكون، وإنما المراد بقوله ?إِلاَّ لِنَعْلَمَ? ونظائر ذلك، مراده إلا ليظهر علمنا فيهم ذلك الظهور الذي يكون عليه المحاسبة والجزاء على ما عملوا. أ. هـ المراد من كلام الشيخ صالح آل الشيخ من شرحه على الواسطية

فيكون قوله ليظهر علمنا فيهم = لقول ابن عباس وغيره في تفسيره لنعلم:لنرى.

والله أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير