تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما مناقضتها لأصول الإسلام في مسائله: فهي تنقض أصلَي شهادة لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله "صلى الله عليه وسلم"؛ فالقول بخلق القرآن تعطيل لرب العالمين - عز وجل - وطعن في الرسالة وإبطال للشرائع ... وهذا قد جاء مبيَّناً في آثار السلف الصالح؛ فقد قال الإمام عبد الله بن إدريس: من قال القرآن مخلوق فقد أمات من الله شيئاً (10).

«وقال الإمام أحمد بن حنبل: إذا زعموا أن القرآن مخلوق فقد زعموا أن أسماء الله مخلوقة.

فأجاب أحمد بأنهم وإن لم يقولوا بخلق أسمائه فقولهم يتضمن ذلك، ونحن لا نشك في ذلك حتى نقف فيه (11)».

وقال عبد الله بن أيوب المخرمي: القرآن كلام الله غير مخلوق، ومن قال: إنه مخلوق، فقد أبطل الصوم والحج والجهاد وفرائض الله (12)».

وقد أوجز ابن تيمية هذا الطعن في الشهادتين لدى القائلين بخلق القرآن؛ فقال: «وكان أهل العلم والإيمان قد عرفوا باطن زندقتهم ونفاقَهم، وأن المقصود بقولهم: إن القرآن مخلوق أن الله لا يكلم ولا يتكلَّم، ولا قال ولا يقول، وبهذا تتعطل سائر الصفات: من العلم والسمع والبصر وسائر ما جاءتْ به الكتب الإلهية، وفيه أيضاً قدح في نفس الرسالة؛ فإن الرسل إنما جاءت بتبليغ كلام الله، فإذا قُدِح في أن الله يتكلم كان ذلك قدحاً في رسالة المرسلين، فعلموا أن في باطن ما جاؤوا به قدحاً عظيماً في كثير من أصلَي الإسلام: شهادة أن لا إله إلا الله، وشهادة أن محمداً رسول الله (13)».

لقد كانت مقالة الأشاعرة في القرآن أقلَّ انحرافاً من مقالة المعتزلة؛ فإن المعتزلة يزعمون أن القرآن مخلوق لفظاً ومعنىً، وأما الأشاعرة فيجعلون القرآن هو المعنى القائم بذات الله، وأما الحروف والأصوات فهي دالة عليه، وهي مخلوقة. ومع ذلك فإن مقالة الأشاعرة قد آلت بالمتأخرين منهم إلى القول بأن المصحف ليس فيه إلا المداد والورق، فامتهنوا القرآن وداسوه بأرجلهم (14).

وأخيراً فإن المتعين الرسوخ في فقه هذه المسألة الجليلة، وإظهارها بين الخلائق، وبيان عمق علم السلف، وحِدَّة أفهامهم، ودرايتهم بمآلات الأقوال ولوازمها، خلافاً لمن تنكَّب سبيلهم فهوَّن من شأن هذه المسألة، وخاض فيها بالباطل، وانتقص أهل السُّنة، فجمع بين الجهل والظلم، فلا عِلْم مصدَّق ولا عدل محقَّق. وبالله التوفيق.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] ?انظر: شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي: 2/ 312، 2/ 216 - 312.

[2] ?المرجع السابق: 2/ 312.

[3] ?أخرجه مسلم.

[4] ?أخرجه أحمد: 3/ 390، وأبو داود: (4734)، والترمذي: (2925) وصححه.

[5] ?انظر: الرد على الجهمية لعثمان الدارمي: ص 162.

[6] ?قالها بعض الذين أُشربوا البدعة كالمقبلي في العلم الشامخ، وأبي غدة في مسألة خلق القرآن، وتبعهم بعض متسننة هذا العصر، أرباب الترنح والتلفيق.

انظر في الرد عليهم: رسالة تنبيه الإخوان، لحمود التويجري، والمحنة وأثرها في منهج الإمام أحمد، لعبد الله الفوزان.

[7] ?طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى: 1/ 28.

[8] ?انظر: الأشاعرة عرض ونقد لسفر الحوالي: ص 64 - 66.

[9] ?الدرء لابن تيمية: 1/ 233 - 234 = باختصار.

[10] ?أخرجه ابن بطة في الإبانة (الرد على الجهمية): 2/ 44.

[11] ?التسعينية: 2/ 577 - 581.

[12] ?أخرجه ابن بطة في الإبانة (الرد على الجهمية): 1/ 352.

[13] ?بيان تلبيس الجهمية: 3/ 518 - 519، وانظر: شرح الأصفهانية (ت: مخلوف): ص 60، ومجموع الفتاوى: 12/ 7.

[14] ?انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية: 8/ 425.

ـ[سلمان الحائلي]ــــــــ[27 - 11 - 10, 12:22 م]ـ

جزاك الله خيرا

ـ[أبو غانم المروي]ــــــــ[27 - 11 - 10, 01:12 م]ـ

جزاك الله خيرا

وإياك أخي العزيز.

ـ[أبو عبدالله العنبري التميمي]ــــــــ[28 - 11 - 10, 02:40 م]ـ

حفظ الله الشيخ وثبته على الحق

بارك الله فيك

ـ[أبو غانم المروي]ــــــــ[28 - 11 - 10, 11:01 م]ـ

آمين. وفيك بارك الله.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير