تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هل لولي الأمر أن يقيد المباح أم لا؟

وهذه المسألة مختلف فيها بين العلماء

الذى ذهب إليه الإمام أحمد و وافقه شيخ الإسلام ابن تيمية جواز تقييد المباح لولي الأمر العدل دون الظالم لأن النبي صلى الله عليه و سلم أمر ابن عمر أن يطيع عمر رضى الله عنهما حينما أمره بطلاق امرأته و لما جاء رجل فسأل الإمام أحمد فى هذه المسألة فقال: إن كان أبوك مثل عمر فافعل؟ أى إن كان فى مثل عدالته فافعل ليس الأمر تابع للأهواء فيظلم ابنه أو امرأة ابنه , و قد كان لعمر بن الخطاب رضي الله عنه أقضية مشهورة على مستوى الأفراد و الأمة قيد فيها أنواعا من المباح.

و المجتهد العدل عالما كان أو إماما يتبع الشرع و لا يمنع شيئا أباحه الله عز و جل إلا لعلة شرعية طارئة لا للهوى و التشهى فلا يحرم ما يعلم أن الشرع أباحه فهذا لا يقع من العالم العدل أبدا و إنما الذى يقع منه الموازنة بين المصالح و المفاسد فيرى أن الشرع أباح مسألة و بين ما فيها من المصالح و المفاسد و نص على أنه أباحها لما فيها من المصالح فيأتى لاعتبارات طارئة غلبة المفاسد الشرعية المعتبرة فيمنع المباح طالما وجدت من باب الفتوى الطارئة كما فعل عمر مع من تزوج من الكتابيات لأنه وجدهم أكثروا من ذلك مما يضر المسلمات ومنهم من تزوج بالمومسات ولم يسم هذا الأمر حراما و لما سئل أحرام هو قال لا ولكنى خشيت عليكم كذا وكذا.

و لما نجد إنسانا منسوبا للعلم يتسرع فى التحليل و التحريم كمن قال إن المسلم يجوز له أن يحارب المسلمين فى جيوش الكفار لكن يكون فى الصفوف الخلفية و فى نفس الوقت يقول إن شرب المياه الغازية التى صنعها الكفار كشرب الخمر فهذا لا يمكن ان نقول إنه عالم يمكن الرجوع إليه فى تقدير هذه الأمور لأنها تحتاج إلى عالم ضابط عدل يزن الأمور بميزان الشرع لا العكس.

فهذا الأمر قد يقال بمشروعية المنع منه مع الإعلان بأن هذا المنع مبني على كذا و كذا من النوازل و الطوارئ

فمن حيث الأصل النظري لو وجدنا علماء شرعيين معتبرين مجتهدين بحثوا فغى المسألة و وجدوا أن هناك ما يقتضى هذا بعدل و إنصاف فيجوز المنع و لكن يبلغ الأمر على حاله دون استخدام أنواع التهويل.

و هذا لم يحدث حتى الآن فلم نجد علماء مجتهدين معتبرين بحثوا الأمر من كل جوانبه و ذكروا كلاما شرعيا معتبرا فى المنع من بعض هذه التعاملات.

وإذا وجدنا عالما مجتهدا بحث المسألة فيجب عليه مراعاة الاعتبارات التالية.

الاعتبارات العامة التى لا بد من مراعاتها عند القول بالمقاطعة:

1 - أن البيع و الشراء قائم على تلاقى مصالح البائع و المشترى فأي مسلم يشترى من مسلم أو من غيره له مصلحة دنيوية خاصة و قد راعى الشرع هذه المصلحة الخاصة و كفلها له ووازن بينها و بين المصلحة العامة, فالشرع وازن بين المصالح عموما و راعى قدرا كبيرا من المصالح الخاصة مما لا يلحق ضررا بالمصالح العامة و وضع ترتيبا بين المصالح ليس لنا أن نقدم فيه أو نؤخر بل نقوم بدراسته للقياس عليه فى غير المنصوص فيه, ولم يهدر المصلحة الخاصة إلا فيما فيه ضرر بالغ بالمصلحة العامة فقد حرمها وهذا فى المحرمات كما فى تحريم بيع المحرم للكافر و كذلك تحريم بيع ما يعود ضرره على لمسلمين و المقصود الضرر المباشر كبيع السلاح, لأن الضرر المترتب على وجود المنكرات بين المسلمين أعظم من المصلحة العامة. أما فى غير المحرمات فقد أذن الشرع للمسلم أن يراعى مصلحته الخاصة و ليس لأحد أن يعتدي عليها و يلبس ثوب الحرص على الشرع فيبدل دين الله تبارك و تعالى.

و محل البحث فى هذه المسألة أن هناك قدرا من المصلحة الخاصة و المصلحة العامة و قدر المصلحة الخاصة معتبر أكثر من المصلحة العامة و هى منع ذهاب قدر من الربح للكفار. أما لو حصل طارئ و هو فعلا أن كل درهم فى جيبه يساوى سلاحا فيحتمل هنا أن تكون المصلحة الخاصة معارضة لمصلحة عامة أولى منها كالموجودة فى بيع السلاح للكافر. و لا يقال إن المصلحة العامة تقدم على المصلحة الخاصة مطلقا و إلا آل بنا الأمر إلى القول بالاشتراكية. هذا كمبدإ عام.

و إذا راعينا هذا الأمر ثم بدا للمجتهد أن يقيد المباح فعليه أن يراعى:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير