تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فانظر إلى العجمة التي نتجت عن هذا الزعم في قوله [فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه قال عمر} والصحيح أن يكون {فإذا الناس أوزاع متفرقون كل رجل يصلي لنفسه}،ثم تأمل قول عمر: {إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد} فقوله: على قارئ واحد أي إمام واحد دليل واضح على أنه كان هناك أكثر من إمام فلو كان كما يقول المرشود كل رجل يصلي لنفسه لقال عمر: {إني أرى لو جمعتهم} لكان كافياً بالنسبة لمن كانوا يصلون منفردين أما أن يقول عمر بحق منفردين: {إني أرى لو جمعتهم على قارئ واحد} هذا تكلف لا يصدر من عربي فصيح كعمر بن الخطاب رضي الله عنه.

و مما ينفي الشبهة أيضا ورود خبر الجماعات قبل جمع عمر في روايتين بإسنادين لا وجود للزهري فيهما الأولى أخرجها البخاري في خلق أفعال العباد قال: آدم، حدثنا ابن أبي ذئب، حدثنا مسلم بن جندب، عن نوفل بن إياس الهذلي، قال: {كنا نقوم في عهد عمر بن الخطاب في المسجد فنتفرق هاهنا فرقة وهاهنا فرقة، وكان الناس يميلون إلى أحسنهم صوتا، فقال عمر: " أراهم قد اتخذوا القرآن أغاني، أما والله لئن استطعت لأغيرن "، فلم يمكث إلا ثلاث ليال حتى أمر أبيا فصلى بهم}.قلت:رجال هذا الإسناد ثقات ماعدا نوفل بن إياس الهذلي وهو مجهول العين قال عنه الحافظ في التقريب: مقبول،أما الرواية الثانية فأخرجها ابن شبة النميري في كتابه تاريخ المدينة من طريق أبي زكير قال سمعت محمد بن يوسف الأَعرج يحدث عن السائب بن يزيد قال: {جاء عمر رضي الله عنه ليلة من ليالي رمضان، إِلى مسجد رسول صلى الله عليه وسلم، والناس متفرقون، يصلي الرجل بنفسه، ويصلي الرجل ومعه النفر، فقال: لو اجتمعتم على قارئ واحد كان أَمثل، ثم عزم فجمعهم على أُبيّ بن كعب، ثم جاء من العالية وقد اجتمعوا عليه واتفقوا فقال نِعْمَت البدعةُ هذه، والتي ينامون عنها أَفضل من التي يصلون، وكان الناس يصلون أَوّل الليل ويَرْقدون آخره} قلت:ابن شبة النميري البصري ثقة وأما شيخه فصدوق يخطئ كثيراً وقال الذهبي:ضعفه ابن معين،أما الأعرج فمن رجال الشيخين والسائب بن يزيد صحابي رضي الله عنه،قلت:نوفل الهذلي وأبي زكير يصلحان للمتابعات والشواهد فهما ليسا بمتروكين مع شاهد صحيح البخاري الذي نحن بصدده تتقوى روايتيهما ويثبت وقوع الجماعات قبل جمع عمر رضي الله عنه ما عدا ما جاء في رواية نوفل: {وكان الناس يميلون إلى أحسنهم صوتا، فقال عمر: " أراهم قد اتخذوا القرآن أغاني، أما والله لئن استطعت لأغيرن فلم يمكث إلا ثلاث ليال} فهذا القدر من الأثر لا شاهد له أما باقي ما جاء في الروايتين فيثبت والله أعلم.

وقد اعتمد المرشود على بلاغ الزهري الذي ورد في صحيح البخاري وغيره في تبني هذا الزعم فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه قال ابن شهاب فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر وصدرا من خلافة عمر رضي الله عنهما}،وقد جاء مدرجاً عند مسلم وغيره دون "ابن شهاب" فظن ظان أن هذا الكلام من كلام أبي هريرة ولكن كما بينا سابقاً من قواعد معرفة المدرج في الطريقة الثالثة أن بعض الرواة يفصلون الكلام المدرج عن المتن الأصلي وينسبون الكلام لقائله وهذا ما حصل في رواية البخاري وغيره، وهذا فيه إثبات أن ما زعمه المرشود من إدراج في حديث تجميع عمر الناس على أبي بن كعب زعم باطل فإن المدرِج هنا هو ابن شهاب الزهري {على فرضية ثبوته وإلا فهو بلاغ} وفي حديث تجميع عمر الناس على أبي هو ابن شهاب الزهري [كما زعم] فكأن ابن شهاب يناقض نفسه إن سلمنا لزعم المرشود فهناك لم تعجب المرشود اللفظة الصحيحة الثابتة فاتهم الزهري بالإدراج (لأن فيها إثبات للجماعات) ولله الحمد و المنة قد أثبتنا بأدلة واضحة ضعف هذا الزعم،وهنا أراد أن يستشهد ببلاغ الزهري ليثبت أنه لا يوجد جماعات فكأن الزهري مرة يقول:كان هناك جماعات متفرقة قبل جمع عمر ومرة أخرى:لم يكن هناك جماعات متفرقة قبل جمع عمر!،يعني المرشود يحتج بالزهري على الزهري!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير