الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِى الصَّفِّ. ([8])
فقد أخبر عبد الله بن مسعود أنه لم يكن يتخلف عنها الا منافق معلوم النفاق وهذا دليل على استقرار وجوبها عند المؤمنين.
ثانيا: بما تدرك الجماعة.
لابد أن نميز بين مسألتين , المسألة الأولى بما تدرك الجماعة بمعنى متى يكون الإنسان المسبوق مدركا لفضها , وبين مسألة متى يكون الإنسان مدركا للركعة مع الأمام بأن يكون معتدا بحيث لا يقضيها , وفرق بين المسألتين.
فإدراك الركعة يكون بإدراك الركوع ([9]) , لحديث {من أدرك الركوع فقد أدرك الركعة} " رواه أبو داود، وعليه أن يأتي بالتكبير قائما وتجزأته تكبيرة الإحرام عن تكبيرة الركوع.
روي عن زيد وابن عمر، ولم يعرف لهما مخالف من الصحابة، ولأنه اجتمع واجبان من جنس في محل واحد، أحدهما ركن فسقط به.
أما إدراك الجماعة أي إدراك فضلها , فيحصل بإدراك الإمام قبل سلامه التسليمة الأولى وهذا قول جماهير العلماء من الحنفية والشافعية والحنابلة.
أما ما جاء من قوله صلى الله عليه وسلم من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة كما في الصحيحين قال عنه النووي في شرحه على مسلم هو في إدراك الصلاة قبل خروج وقتها وقال مانصه: ((ويجاب عن مفهوم الحديث بما سبق قوله: صلى الله عليه و سلم من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر هذا دليل صريح في أن من صلى ركعة من الصبح أو العصر ثم خرج الوقت قبل سلامه لا تبطل صلاته بل يتمها وهي صحيحة)) ([10]).
ومما أجيب عن حديث مسلم من أدرك ركعة مع الإمام فقد أدرك الصلاة , قيل أي حكم صلاة الجماعة من سهو الإمام ولزوم الإئتمام وغير ذلك. (([11]))
جاء عند ابن بطال (([12])):معنى هذا الحديث أن مدرك ركعة من الصلاة مدرك لحكمها كله، وهو كمن أدرك جميعها فيما يفوته من سهو الإمام وسجوده لسهوه وإن لم يدركه معه، وأنه لو أدرك وهو مسافر ركعة من صلاة مقيم لزمه حكم المقيم في الائتمام، وهذا قول مالك وجماعة.
وحتى على القول بأنه لا يدرك الإمام إلا بإدراك ركعة , قالوا يكون مدركا لفضل الجماعة بإدراك الإمام قبل سلامه الأولى قال ابن رجب (([13])):أنه يكتب له ثواب الجماعة؛ لما نواها وسعى إليها، وإن كانت قد فاتته، كمن نوى قيام الليل ثم نام عنه، ومن كان له عمل فعجز عنه بمرض أو سفر، فإنه يكتب له أجره.
ويشهد لهذا: ما خرجه أبو داود والنسائي من حديث أبي هريرة، عن النبي قال: (من توضأ فأحسن الوضوء، ثم راح فوجد الناس قد صلوا، أعطاه الله مثل أجر من صلاها وحضرها، لا ينقص ذلك من أجرهم شيئاً).
وخرج أبو داود من حديث سعيد بن المسيب، عن رجل من الأنصار، سمع النبي يقول:
(إذا توضأ أحدكم فأحسن الوضوء، ثم أتى المسجد فصلى في جماعة غفر له، فإن أتي المسجد وقد صلوا بعضاً وبقي بعض فصلى ما أدرك وأتم ما بقي كان كذلك، فإن أتى المسجد وقد صلوا فأتم الصلاة كان كذلك).
وعليه فهل يشرع للإنسان أن ينتظر الجماعة الثانية إذا علم بها؟ أم أنه يدخل مع الإمام في التشهد الآخير وهذه هي المسألة التي يكثر السؤال عنها.
هي محل خلاف والذي اختاره سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله أن الصلاة مع الجماعة الأولى أفضل قال رحمه الله: ((ومتى أدرك جماعة الإمام في التشهد الأخير فدخولهم معه أفضل، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون وعليكم السكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا» متفق عليه، ولو صلوا جماعة وحدهم فلا حرج إن شاء الله)) (([14])) ,وعليه فالأولى للإنسان في هذه الحالة أن يدخل مع الجماعة الراتبة , وإن صلى جماعة أخرى فلا حرج , وذلك للخلاف بين أهل العلم في مشروعية إقامة جماعة أخرى في المسجد.
ـــــ
([1]) كتب ورسائل وفتاوى ابن تيمية في الفقه - (23/ 225)
([2]) الشرح الكبير لابن قدامة - (2/ 2)
([3]) مجموع فتاوى ابن باز - (12/ 14)
([4]) مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين - (12/ 24)
([5]) الشرح الكبير لابن قدامة - (2/ 2)
([6]) مجموع الفتاوى - (23/ 226)
([7]) متفق عليه
([8]) أخرجه مسلم في صحيحه باب صلاة الجماعة من سنن الهدي برقم 1520
([9]) شرح منتهى الإرادات - (2/ 121)
([10]) شرح النووي على مسلم - (5/ 106)
(([11])) مشكاة المصابيح مع شرحه مرعاة المفاتيح - (4/ 201)
(([12])) شرح ابن بطال - (3/ 258)
(([13])) فتح الباري ـ لابن رجب - (3/ 252)
(([14])) مجموع فتاوى ابن باز - (12/ 158)
ـ[أبو مصعب الفيفي]ــــــــ[27 - 07 - 10, 01:24 ص]ـ
بارك الله فيك خلاصة القول: دخوله في عموم أمر الرسول صلى الله عليه وسلم فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا