[القذف بعمل قوم لوط]
ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[27 - 08 - 10, 11:18 م]ـ
القذف
بعمل قوم لوط
إعداد
عبد الله بن محمد المزروع
1431 هـ
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. أما بعد:
فإنَّ أمر اللسان وما يخرج منه عظيم، ولا أَدَلَّ على ذلك من قوله تعالى: " ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد " [ق: 18]، وقوله صلى الله عليه وسلم: " وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم " [1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn1) وغيرها من النصوص المُحَذِّرَةِ من عظيم خَطَرِهِ.
ومن هذا الباب ما يتلفظ به بعض الناس من سب وشتم وقذف حتى إنها قد تقع من بعض أفاضل الناس فضلًا عن الدهماء والعامة؛ وما حادثة الإفك إلا مثال على ذلك في قرنٍ من القرون الفاضلة.
والمسائل المتعلقة بالقذف كثيرة، والذي سيكون مَحَلَّ بحثنا هو ما يتعلق بالقذف بعمل قوم لوط؛ وينتظم الكلام عليه في المباحث التالية:
المبحث الأول: تعريف القذف لغة، واصطلاحًا.
المبحث الثاني: في ذكر قواعد مهمة تتعلق بالقذف وألفاظه، وهي على النحو التالي:
القاعدة الأولى: بيان انقسام ألفاظ القذف إلى صريح وكناية، والمراد بكل واحدٍ منها، والفائدة من هذا التقسيم.
القاعدة الثانية: بيان أنَّ ألفاظ القذف عائدة للعرف المتغيِّر بحسب الزمان والمكان.
القاعدة الثالثة: بيان أنَّ القذف بعمل قوم لوط مبنيٌ على عقوبة من عمل هذا العمل.
القاعدة الرابعة: بيان مقصد الشارع من حدِّ القذف.
المبحث الثالث: في بيان العقوبة الواجبة فيمن قذف شخصًا بعمل قوم لوط.
المبحث الرابع: بيان الشروط الواجب توافرها في القاذف.
المبحث الخامس: بيان الشروط الواجب توافرها في المقذوف.
وأسأل الله أَنْ يوفقني للصواب في هذا البحث، وأن يغفر لي ما وقعت فيه من زلل؛ فما كان فيه من صواب فمن الله، وما كان فيه من خطأ فمن نفسي والشيطان.
المبحث الأول: تعريف القذف لغة، واصطلاحًا.
أولًا: تعريف القذف لغة [2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn2) :
القذف: مصدر قَذَفَ يَقْذِفُ قَذْفًا، من باب ضَرَبَ يَضْرِبُ ضَرْبًا؛ وجمعه: قذاف، وقذفة.
قَذَفَ بالشيء يَقْذِف قَذْفًا فانقذف: رمى.
والتقاذف هو الترامي.
وَقَذَفَ الرجل: قَاءَ، وقَذَفَ المحصنة: أي: رماها وسَبَّها.
وقال الليث: القذف الرمي بالسهم والحصى والكلام وكلِّ شيء.
فالأصل في القذف أنه الرمي مطلقًا؛ ولهذا وردت النصوص في قذف المحصنات بالزنا في قوله تعالى: " والذين يرمون المحصنات المؤمنات " [النور: 4]، وفي قوله – صلى الله عليه وسلم – في بيان الكبائر: " وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات " [3] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34#_ftn3) .
ثانيًا: تعريف القذف اصطلاحًا:
سأذكر تعريفًا للقذف من كل مذهب مُرَتِّبًا لها حسب الترتيب الزمني لظهور أئمتها:
تعريف الحنفية:
قال في الدر المختار (4/ 44 مع حاشية ابن عابدين): الرمي بالزنا.
وهو كذلك في البحر الرائق لابن نجيم (5/ 32)، ودرر الحكام (2/ 71)، وناقش هذا التعريف ابن عابدين في رد المحتار (4/ 44)، شرح فتح القدير (4/ 190).
تعريف المالكية:
قال ابن عرفة: القذف الأعم: نسبة آدمي غيره لزنًا أو قَطْعِ نَسَبِ مسلمٍ.
ثم قال: والأخص لإيجاب الحد: نسبةُ آدميٍ مكلفٍ غيرَهُ حرًا عفيفًا مسلمًا بالغًا، أو صغيرةً تطيقُ الوطءَ لزنًا أو قطعِ نسبِ مسلم.
ونقله غير واحد من المالكية عن ابن عرفة؛ كالخرشي في شرحه لمختصر خليل (8/ 86)، والدسوقي في حاشيته (4/ 324).
وقال العدوي (2/ 327): ما يدل على الزنا واللواط أو النفي عن الأب أو الجد لغير المجهول.
وقال الكناني في العقد المنظم للحكام (2/ 265): القذف هو: أن يرميه بوطء يجب فيه الحد، أو بنفي نسبه من أبيه أو جده، وهو غير مجهول بخلاف نفيه عن أمه؛ فلا حدَّ في ذلك.
تعريف الشافعية:
قال زكريا الأنصاري في أسنى المطالب (3/ 371): الرمي بالزنا في معرض التعيير.
¥