[المجتهدون في "سير أعلام النبلاء" للإمام الذهبي رحمه الله.]
ـ[مراد بوكريعة]ــــــــ[15 - 09 - 10, 03:33 م]ـ
بحث حول موضوع:
المجتهدون عند الإمام الذهبي من خلال كتابه "سير أعلام النبلاء".
إعداد الطالب: مراد بن عبد السلام بوكريعة
ماستر الاختلاف في العلوم الشرعية بالقنيطرة
المملكة المغربية
الحمد لله الذي عز فارتفع وذل كل شيء لعظمته وخضع. والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خير من صلى وصام وجاهد في الله حتى أتاه اليقين وعلى آله وصحابته الكرام ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فهذا البحث قمت فيه بجرد من وصفهم الإمام الذهبي في كتابه الكبير "سير أعلام النبلاء" بصفة الإجتهاد في محاولة لمعرفة شروط الاجتهاد عند هذا الإمام الجليل. وهذا هو ما يسر الله لي ووفقني إليه، إنه هو الموفق والهادي إلى صراطه المستقيم. والله أسأل أن ينفع به ويرفع.
المبحث الاول: التعريف بالإمام الذهبي وكتابه سير أعلام النبلاء.
. ترجمة الحافظ الذهبي:
. أولا: إسمه وكنيته: هو شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز بن عبد الله الذهبي، ولد في شهر ربيع الآخر سنة 673 هـ. ذكر الحافظ ابن حجر أن مولده في الثالث من الشهر المذكور. [1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn1)
كان من أسرة تركمانية الاصل، تنتهي بالولاء إلى بني تميم، سكنت مدينة ميافارقين من أشهر مدن ديار بكر. [2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn2)
. ثانيا: نسبته: الذهبي نسبة إلى صناعة الذهب، فقد كان والده شهاب الدين أحمد يمتهن صناعة الذهب المدقوق وقد برع بها وتميز، وعرف بالذهبي. [3] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn3)
. ثالثا: نشأته في طلب العلم: كانت أهم العوامل التي أثرت في التكوين العلمي للإمام الذهبي في بداية طلبه للعلم، أسرته وبلده.
أما أسرته، فهو من أسرة متدينة متعلمة، ميسورة الحال، الأمر الذي ساعد على دفع الذهبي إلى كتاتيب تعليم القرآن في صغره، والتفرغ بعد ذلك لطلب العلم وتحصيله من ريعان شبابه، بدلا من الانشغال في تحصيل قوته وطلب رزقه. ولم يكن يكدر صفو هذه النعمة إلا امتناع والده عن السماح له بالرحلة في طلب العلم إلا في رحلات قصيرة لا تتجاوز أربعة أشهر، وذلك لخوفه عليه وشدة تعلقه به [4] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn4).
وقد عبر الذهبي عن تحسره لعدم الالتقاء بعض الشيوخ لهذا المانع ومن ذلك: «وكنت أتحسر على الرحلة إليه، وما أتجسر خوفا من الوالد، فإنه كان يمنعني» [5] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn5). وقال في موضع آخر: «ولم يكن الوالد يمكنني من السفر» [6] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn6).
وأما العامل الثاني، فهو بلده دمشق التي كانت تجمع في ذلك العصر شموس العلم من أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية، والحافظ المِزي وغيرهما، فقد حظي الذهبي برفقة هؤلاء والإفادة منهم.
وقد بدأ الذهبي بدايته العلمية بحفظ كتاب الله تعالى، وتعلم مبادئ القراءة والكتابة، وذلك على يد أحد المؤدبين، واسمه علاء الدين بن الحلبي، المعروف بالبصبص، حيث أقام الذهبي في مكتبه أربعة أعوام. [7] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn7)
ثم انتقل الذهبي بعدها إلى الشيخ مسعود بن عبد الله الأغزازي، فلقنه جميع القرآن، ثم قرأ عليه نحو من أربعين ختمة. [8] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn8)
وما لبث الذهبي أن أصبح على معرفة جيدة بالقراءات، وأصولها ومسائلها، وهو لما يزل فتى لم يتعد العشرين من عمره.
ثم ركز في تلك المرحلة على علمين شريفين عظيمين هما:
علم القراءات وعلم الحديث، فلازم كبار علماء القراءات في عصره، حتى أصبح متقنا لهذا الفن وأصوله ومسائله، مما حذا بالشيخ محمد ابن عبد العزيز الدمياطي-وهو من المقرئين المجودين- أن يتنازل له عن حلقته بالجامع الأموي، عقب مرض الشيخ، الذي توفي على إثره سنة) 693هـ (. [9] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn9)
واهتم بالكتب التاريخية، فسمع عددا كبيرا منها شيوخه، في المغازي، والسيرة، والتاريخ العام، ومعجمات الشيوخ والمشيخات، وكتب التراجم الأخرى. [10] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn10)
وسمع الذهبي مئات الكتب والاجزاء الحديثية طيلة حياته في طلب العلم.
¥