تفسير الألوسي - (6/ 53)
قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (145)
{أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ} أي اللحم كما قيل لأنه المحدث عنه أو الخنزير لأنه الأقرب ذكراً. وذكر اللحم لأنه أعظم ما ينتفع به منه فإذا حرم فغيره بطريق الأولى، وقيل وهو خلاف الظاهر: الضمير لكل من الميتة والدم ولحم الخنزير على معنى فإن المذكور {رِجْسٌ} أي قذر أو خبيث مخبث {أَوْ فِسْقًا} عطف على {لَحْمَ خِنزِيرٍ} على ما اختاره كثير من المعربين وما بينهما اعتراض مقرر للحرمة {أُهِلَّ لِغَيْرِ الله بِهِ} صفة له موضحة. وأصل الإهلال رفع الصوت. والمراد الذبح على اسم الأصنام. وإنما سمي ذلك فسقاً لتوغله في الفسق.
تفسير البحر المحيط - (4/ 496)
(89) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90)
الرّجس اسم لكل ما يستقذر من عمل، يقال: رجس الرجل يرجس رجساً إذا عمل عملاً قبيحاً، وأصله من الرجس، وهو شدّة الصوت بالرّعد؛ قال الراجز:
مِنْ كلّ رجاس يسوق الرّجسا ...
وقال ابن دريد: الرجز الشر، والرجز العذاب، والركس العذَرة والنتن، والرجس يقال للأمرين.
تفسير البحر المحيط - (5/ 378)
قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (71)
{قال قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب} أي حلّ بكم وتحتّم عليكم قال زيد بن أسلم والأكثرون: الرّجس هنا العذاب من الارتجاس وهو الاضطراب. وقال ابن عباس: السخط. وقال أبو عبد الله الرازي: لا يكون العذاب لأنه لم يكن حاصلاً في ذلك الوقت، وقال القفال: يجوز أن يكون الازدياد في الكفر بالرين على القلوب أي لتماديهم على الكفر {وقع عليكم} من الله رين على قلوبكم كقوله {فزادتهم رجساً إلى رجسهم} فإنّ الرجس السخط أو الرين فقوله {قد وقع} على حقيقته من المضي وإن كان العذاب فيكون من جعل الماضي موضع المستقبل لتحقّق وقوعه.
تفسير البيضاوي - (2/ 108)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90)
{رِجْسٌ} قذر تعاف عنه العقول، وأفرده لأنه خبر للخمر، وخبر المعطوفات محذوف أو لمضاف محذوف كأنه قال: إنما تعاطي الخمر والميسر. {مِنْ عَمَلِ الشيطان} لأنه مسبب عن تسويله وتزيينه. {فاجتنبوه} الضمير للرجس أو لما ذكر أو للتعاطي. {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} لكي تفلحوا بالاجتناب عنه.
واعلم أنه سبحانه وتعالى أكد تحريم الخمر والميسر في هذه الآية، بأن صدر الجملة ب {إِنَّمَا} وقرنهما بالأنصاب والأزلام، وسماهما رجساً، وجعلهما من عمل الشيطان تنبيهاً على أن الاشتغال بهما شرّ بحت أو غالب، وأمر بالاجتناب عن عينهما وجعله سبباً يرجى منه الفلاح، ثم قرر ذلك بأن بين ما فيهما من المفاسد الدنيوية والدينية المقتضية للتحريم فقال تعالى:
{إِنَّمَا يُرِيدُ الشيطان أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ العداوة والبغضاء فِي الخمر والميسر وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ الله وَعَنِ الصلاة} وإنما خصهما بإعادة الذكر وشرح ما فيهما من الوبال تنبيهاً على أنهما المقصود بالبيان، وذكر الأنصاب والأزلام للدلالة على أنهما مثلهما في الحرمة والشرارة لقوله عليه الصلاة والسلام «شارب الخمر كعابد الوثن» وخص الصلاة من الذكر بالإِفراد للتعظيم، والإِشعار بأن الصاد عنها كالصاد عن الإِيمان من حيث إنها عماده والفارق بينه وبين الكفر، ثم أعاد الحث على الانتهاء بصيغة الاستفهام مرتباً على ما تقدم من أنواع الصوارف فقال: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ} إيذاناً بأن الأمر في المنع والتحذير بلغ الغاية وأن الأعذار قد انقطعت.
تفسير النسفي - (1/ 305)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90)
{ياأيها الذين ءامَنُواْ إِنَّمَا الخمر والميسر} أي القمار {والأنصاب} الأصنام لأنها تنصب فتعبد {والأزلام} وهي القداح التي مرت {رِجْسٌ} نجس أو خبيث مستقذر {مِّنْ عَمَلِ الشيطان} لأنه يحمل عليه فكأنه عمله. والضمير في {فاجتنبوه} يرجع إلى الرجس، أو إلى عمل الشيطان، أو إلى المذكور، أو إلى المضاف المحذوف كأنه قيل: إنما تعاطى الخمر والميسر ولذا قال «رجس»