3وهل على من افتى به من شىء؟
وجزا الله فضيلتكم والاخوة الافاضل خيرا
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[09 - 07 - 07, 01:09 ص]ـ
يا أخي الفاضل أنا لست سيدا ولا فضيلة ولا شيء
أخي الكريم
الخلاف في حلق اللحية من جنس الخلاف في التلفظ بالنية في الصلاة، فإذا بحثت في كتب المذاهب الأربعة فلن تعدم أن تجد من يقول بجواز التلفظ بالنية في الصلاة، بل قد تجد من يقول بالاستحباب، ومن المعلوم أن من يقول بهذا القول قد يكون معذورا لأنه نشأ وتربى على هذا القول؛ لأنه لا يعرف من كتب العلم إلا هذه الكتب الفقهية المشهورة عند المتأخرين فلا يعرف وراءها علما، ولا يظن أن في خلافها حقا.
ولكن هذا لا يمنع من القول بأن أهل العلم أجمعوا على أن التلفظ بالنية غير واجب ولا مستحب، ومن المعلوم أنه لم يرد في التلفظ بالنية حديث صحيح ولا حتى حديث ضعيف، ومن المعلوم أن الصلاة هي أهم المهمات في حياة العبد، وأنه لو كان التلفظ بالنية من دين الإسلام لما خفي ذلك من حال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما اجتمع الصحابة رضوان الله عليهم على ترك نقلها عنه.
هذا مما يعلم ضرورة من دين الإسلام، وبناء عليه لا يتوقف الباحث في ذكر الإجماع على عدم مشروعية التلفظ بالنية حتى لو وُجد في كتب المتأخرين من يحكي الخلاف في ذلك؛ لأن كثيرا من هؤلاء المتأخرين ليس لهم اطلاع على كتب أهل العلم المتقدمين فضلا عن الوصول إلى درجة الاجتهاد والترجيح.
فأمر اللحية أيضا من هذا الباب قد تجد في بعض كتب المتأخرين إطلاق القول بالكراهة التي هي مستلزمة للجواز بحسب اصطلاح المتأخرين، وبناء عليه يفهم بعض الناس أن المسألة خلافية وليست إجماعية، ولو كانت كل حكاية في الكتب تقدح في الإجماع فلن تستطيع أن تقف على إجماع إلا في الشاذ النادر الذي لا يبنى عليه حكم.
ومن المعلوم أنه ليس كل ما يحكى من الأقوال يعد خلافا على الحقيقة، فقد ذكر الإمام الشاطبي رحمه الله في خاتمة الموافقات عشرة شروط يجب اعتبارها قبل حكاية الخلاف؛ لأن كثيرا من الناس قد يحكي الخلاف بناء على فهمه هو ولا يكون ثَمَّ خلاف على الحقيقة، وذلك مثل من يحكي عن السلف أقوالا في تفسير آيات من كتاب الله ولا يكون مرادهم ظاهرها وإنما مرادهم التمثيل، فيظن الحاكي لأقوالهم أن هذه أقوال متعارضة، وليست كذلك.
وقد يعبر بعض المتقدمين عن حكم شرعي بقوله: أكره ذلك أو لا يعجبني أو نحو ذلك، فيفهم بعض المتأخرين أن المقصود بذلك الكراهة بحسب الاصطلاح الأصولي الذي لا ينافي الجواز، ومن المعلوم أن هذا الاصطلاح لم يكن معروفا عند كثير من المتقدمين، بل كانوا يعبرون بأمثال هذه العبارات عن الأشياء المحرمة، ولكنهم يتحرزون مثلا لعدم صراحة النص أو خوفا من الدخول في قوله تعالى: {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام}، ومن هذا الباب الخلاف المعروف في مذهب الشافعي على مسألة تحريم البنت من الزنا.
ومن العجيب أنك تجد بعض الذين يحكون الخلاف في حكم اللحية يقرون ويعترفون أن منصوص الشافعي هو التحريم، ويقرون ويعترفون أنهم مقلدون وليسوا مجتهدين، وبناء على هذا فليس لقولهم المخالف لإمامهم قيمة؛ لأن الخلاف المعتبر في مسائل الإجماع هو خلاف المجتهدين وليس خلاف المقلدين.
فليس كل خلاف جاء معتبرا .......... إلا خلاف له حظ من النظر
وكل خلف لا إلى برهان .......... وجوده ونفيه سيان
ولا يجوز للمفتي أن يفتي بناء على ما يجده في بعض الكتب؛ بل عليه أن يتحرى الحق ما استطاع إلى ذلك سبيلا، وقد ذكر ابن عابدين في بعض رسائله أن معرفة الصواب في المذهب لا يكفي فيه مطالعة عشرين كتابا من كتب المذهب؛ لأن كثيرا من هذه الكتب يقلد بعضها بعضا.
وقال العز بن عبد السلام: قضاء القاضي ينقض إذا خالف أحد أربعة أشياء الإجماع أو القواعد أو النصوص أو القياس الجلي.
وقال القرافي في الفروق -ردا على من يفتون بظاهر متون المذهب فيما يخالف العرف-: وتحرم الفتيا لهم بغير عادتهم، ومن أفتى بغير ذلك كان خارقا للإجماع؛ فإن الفتيا بغير مستند مجمع على تحريمها.
فحتى لو افترضنا مجرد افتراض أن في المسألة خلافا، فهو خلاف شاذ لا يعول عليه؛ لأنه مخالف للنصوص الصريحة، ومخالف للدلائل والقرائن الشرعية المحتفة بهذه النصوص، ومخالف لقول جماهير أهل العلم قديما وحديثا.
ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[10 - 07 - 07, 09:45 ص]ـ
أخي الحنبلي السلفي القول بالكراهة قد عرف حتى عند الحنابلة،.
أخي الكريم من من الحنابلة ممن يعتد بقوله في المذهب قال بالكراهة؟
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[10 - 07 - 07, 12:09 م]ـ
أخي الكريم الحنبلي السلفي هذه بعض النقولات داخل المذهب بالكراهة:
1 - قال عبد الرحمن بن قدامة رحمه الله في الشرح الكبير: " ويستحب اعفاء اللحية لما ذكرنا من الحديث، وهل يكره أخذ ما زاد على القبضة، فيه وجهان (أحدهما) يكره لما روى ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " خالفوا المشركين احفوا الشوارب واعفوا اللحى " متفق عليه (والثاني) لا يكره يروى ذلك عن عبد الله بن عمر، وروى البخاري قال كان عبد الله بن عمر إذا حج أو اعتمر قبض على لحيته فما فضل أخذه " (ج1 ص105 الشاملة)
2 - قال ابن مفلح رحمه الله في الفروع: " وَذَكَرَ ابْنُ حَزْمٍ الْإِجْمَاعَ أَنَّ قَصَّ الشَّارِبِ وَإِعْفَاءَ اللِّحْيَةِ فَرْضٌ، وَأَطْلَقَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ الِاسْتِحْبَابَ، وَأَمَرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِذَلِكَ وَقَالَ {خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلِمُسْلِمٍ {خَالِفُوا الْمَجُوسَ} " (ج1 ص92 الشاملة)
ملاحظة: حلق اللحية محرم على الصحيح الراجح، لكن ما أعترض عليه هو نسبة هذا القول إجماعا، فأرى أن الأمانة العلمية لا تقتضي أن يذكر هذا القول إجماعا، وإن كان القول بالكراهة قولا ضعيفا.
وجزاكم الله خيرا.
¥