تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فإذا جاء الأمر كان محتملاً لهذه المعاني الأربعة، ولا بد لتعيين المراد في البيان، فيتوقفون حتى يرد ذلك البيان، وهذا قول أبو الحسن الأشعري، وبعض الشيعة.

الفريق الثاني: أما القاضي أبو بكر الباقلاني والغزالي والآمدي وأبو الحسن الأشعري – في رواية – وجماعة من المحققين قالوا: أن التوقف عندنا هو في تعيين الموضوع له الأمر حقيقة، وقد صرح الغزالي بهذا، حيث أن هذا الفريق قالوا: أن صيغة الأمر (افعل) هي حقيقة إما في الوجوب وإما في الندب، وإما جميعاً بالاشتراك اللفظي لكنا لا ندري ما هو الواقع من هذه الأقسام الثلاثة، ونعرف أن لا رابع لها.

واستدل أصحاب هذا القول فقالوا: أن صيغة (افعل) ترد والمراد بها الإيجاب وترد والمراد بها الاستحباب، وترد والمراد بها التهديد، وترد والمراد بها الإباحة، وليس حملها على أحد هذه الوجوه بأولى من حملها على الوجه الآخر، فوجب التوقف فيها.

وقد نوقش هذا: بأننا لا نسلم أنها إذا وردت مجردة تحتمل غير الوجوب بحال، وإنما تحمل على غير وجه الوجوب بقرينة أو دليل، ثم هذا يبطل بقوله: أوجبت وفرضت، فإنه قد استعمل في غير الوجوب، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: ((غسل الجمعة واجب على كل محتلم))، ثم إطلاقه يحمل على الوجوب، ويبطل بأسماء الحقائق أيضاً وهي الأسد والجواد والحمار فإنها تقع على البهيمة وعلى الرجل، ثم هو حقيقة في البهيمة بإطلاقه.

والراجح والله تعالى أعلم هو ما ذهب إليه أصحاب المذهب الأول، ذلك لقوة ما استدلوا به، ومناقشتهم لأدلة المخالفين.

وقد ترتب على الخلاف في هذه المسألة، الاختلاف بين الفقهاء في كثير من المسائل الفقهية منها:

اختلافهم في حكم كتابة عقد الدين، ومنشأ الخلاف هو الاختلاف في مقتضى الأمر الوارد في قوله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ)).

فمن يرى أن الأمر للوجوب وليست هنالك قرينة تصرفه عن الوجوب قالوا بوجوب كتابة عقد الدين.

أما جمهور العلماء فقد ذهبوا إلى أن الأمر ليس للوجوب لوجود القرينة التي تصرفه عن الوجوب إلى الندب، وهي قوله تعالى: ((فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَه)).

نعتذر لعدم وضع الهوامش لجهلنا بكيفية وضعها

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير