1 – قوله تعالى: {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً}، وقوله تعالى: {وسخر لكم ما في السماوات والأرض جميعاً منه إن في ذلك لآيات لقومٍ يتفكرون}
وجه الاستدلال: أن الله بين في هاتين الآيتين أنه أباح لنا كل ما خلق في السماوات والأرض إلا ما ورد به النص.
2 – قوله تعالى: {قل لا أجد فيما أوحي إليَّ محرماً على طاعمٍ يطعمه إلا أن يكون ميتةً أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير فإنه رجسٌ}، وقوله تعالى: {وقد فصَّل لكم ما حرَّم عليكم إلا ما اضطررتم إليه}، وقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين}، وقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم عفا الله عنها والله غفور حليم}.
وجه الاستدلال: أن الله بين في هذه الآيات أن الأصل في الأشياء الإباحة إلا ما نصَّ على تحريمه وفصله وبينه في كتابه أو على لسان رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ونهى عن السؤال عن ذلك حتى لا يحرم ما لم يحرم من قبل.
ثانياً: أدلة السنة:
1 – حديث أبي سعيد الخدري 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثاً أم أربعاً فليطرح الشك وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمساً شفعن له صلاته وإن كان صلى إتماماً لأربع كانت ترغيماً للشيطان " أخرجه مسلم
وجه الاستدلال: أن الحديث فيه بيان أنه متى شك المرء في صلاته هل صلى ثلاثا أم أربعاً لزمه البناء على اليقين وهو الأقل فيجب أن يأتي برابعة ويسجد للسهو فهو صريح في وجوب البناء على اليقين فالأصل بقاء الصلاة في ذمته وهذا هو الاستصحاب.
2 – حديث عباد بن تيم عن عمه 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - أنه شكا إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الرجل الذي يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة؟ فقال: " لا ينفتل - أو لا ينصرف - حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً " متفق عليه، وأخرج مسلم نحوه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وجه الاستدلال:أن هذا يدل على أن الأصل بقاء المتطهر على طهارته فالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يأمره بالوضوء مع ورود الشك، وهذا هو معنى الاستصحاب.
ولذا قال النووي _ رحمه الله _: (هذا الحديث أصل من أصول الإسلام، وقاعدة عظيمة من قواعد الفقه، وهي أن الأشياء يحكم ببقائها على أصولها حتى يتيقن خلاف ذلك، ولا يضر الشك الطارئ عليها)
3 - عن ابن عمر _ رضي الله عنهما _ أن رجلاً سأل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ما يلبس المحرم؟ فقال: " لا يلبس القميص ولا العمامة ولا السراويل ولا البرنس ولا ثوباً مسَّه الورس أو الزعفران فإن لم يجد النعلين فليلبس الخفين وليقطعهما حتى يكونا تحت الكعبين " متفق عليه
وجه الاستدلال: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أجاب السائل بما يحرم عليه لبسه؛ لأنه ينحصر وأعرض عما يباح له لبسه؛ لأنه لا ينحصر فهذا يبين أن ما سوى المذكورات يباح لبسه، وهذا يدل على أن الأصل هو الإباحة.
4 – عن سعد بن أبي وقاص 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إن أعظم المسلمين جرماً من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته " متفق عليه.
وجه الاستدلال: أن هذا الحديث يدل على أن الأصل في الأشياء الإباحة وأن التحريم عارض حيث ربط التحريم بالمسألة وهذا يعني أن المسؤول عنه كان مباحاً قبل ذلك.
ثالثاً: عمل الصحابة والتابعين بالاستصحاب:1 - عن الحسن قال: قال عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: " إذا شك الرجلان في الفجر فليأكلا حتى يستيقنا " أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف وفيه انقطاع.
وعن مسلم بن صبيح قال قال رجل لابن عباس _ رضي الله عنهما _ أرأيت إذا شككت في الفجر وأنا أريد الصيام قال كل ما شككت حتى لا تشك " أخرجه عبد الرزاق وابن أبي شيبة في مصنفيهما والبيهقي في السنن الكبرى.
¥