تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والطلبة متزايد الأمر في ذلك خصوصاً في أواخر أمره بحيث صار جماعة من المجاذيب المعتقدين والأيتام والأرامل وعرب الهيتم ونحوهم يقصدونه للأخذ، حتى كان لكثرة توافدهم عليه قد رغب في الانعزال في أعلى بيته، وصار حينئذ يستعمل الأذكار والأوراد وما أشبه ذلك، وحسن حاله جداً وبالجملة فكان جمالاً للفقهاء والفقراء ولا زالت وجاهته وجلالته في تزايد إلى أن تحرك للسفر إلى الحجاز مع ضعف بدنه وهو في عداد الأموات.

وقال ابن العماد: إن الإمام العالم العلامة إمام الكاملية لبس الخرقة (المقصود بها العلم) من الشيخ الإمام العلامة شمس الدين بن الجزري المقرئ صاحب كتاب (النشر في القراءات العشر) توفي (829هـ).

وفاته

عند الاستقراء لترجمة وفاة إمام الكاملية -رحمه الله- نجد المؤرخين اختلفوا فيها على أقوال هي:

القول الأول: أنه توفي في يوم الجمعة في خامس عشر من شوال سنة (864هـ) وهو قول الإمام السخاوي، وقد تابعه بذلك المؤرخ عمر رضا كحاله.

القول الثاني: أنه توفي في يوم الجمعة خامس عشر من شوال سنة (874هـ) وهو قول الإمام السيوطي، والشوكاني، والحاجي خليفة، والزركلي.

القول الثالث: انه توفي في سنة (901هـ) وهو قول أبي الفلاح بن العماد.

والذي يبدو لي أن القول الثاني القائل بوفاة إمام الكاملية في 15 شوال سنة 874هـ هو الراجح.

الإمام السخاوي ذكر أن إمام الكاملية قد توجه من مكة للزيارة في وسط سنة تسع وستين (69) أي (869هـ)، ويذكر في نفس الوقت وفاة إمام الكاملية ويقول أنه توفي في سنة (864هـ) فكيف يصح هذا.

وبناء على ما تقدم فإن إمام الكاملية -رحمه الله- قد عاش (61) واحداً وستين عاماً.

فقد توفي -رحمه الله- عندما كان متوجهاً إلى الحج ليلة الجمعة 15 شوال (874هـ) في منطقة تسمى (ثغر حامد) دون التيه، وكان قد تجهز للحج في أولاده وعياله فمرض قبل السفر بأيام، وأشير عليه بالإقامة فأبى وخرج البُركة، فسئل في الرجوع فلم يرجع، وصدقت عزيمته فلم يرض إلا الوفود إلى الله فأحرز إن شاء الله تعالى بركة قوله:} وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ {(سورة النساء، الآية: 100)، ولما مات اشتد تأسف الناس عليه خاصهم وعامهم لكونه كان من العلماء العاملين، ودفن هناك، (انظر: الضوء اللامع: 9/ 93، وتأريخ البصري: 1/ 46 – 47، ونظم العقيان: 163، كشف الظنون: 1/ 706 وهداية العارفين: 6/ 206، والبدر الطالع: 2/ 244، الأعلام: 7/ 48، معجم المؤلفين: م6، 11/ 232،و والفتح المبين في طبقات الأصوليين: 3/ 43).

مباحث الإجماع عنده

الإجماع لغة يطلق على معنيين:- (انظر: لسان العرب: 8/ 53، مادة (جمع)).

أحدهما: العزم، وثانيهما: الاتفاق.

وقال إمام الكاملية: يصح على الأول إطلاق اسم الإجماع على الواحد، بخلاف الثاني.

وفي الاصطلاح: هو اتفاق خاص أي اتفاق علماء العصر من أمة محمد r على حكم الحادثة شرعية (انظر: شرح الورقات: 190، وعرفه بنحوه الإمام الغزالي في المستصفى: 1/ 173).

وقد خرّج إمام الكاملية –رحمه الله- القيود الموجودة في تعريف الإجماع، فقال: فقوله: اتفاق، كالجنس، ونعني به الاشتراك إما في الاعتقاد أو القول أو الفعل، أو إطباق بعضهم على الاعتقاد وبعضهم على القول أو الفعل الدالين على الاعتقاد وما في معناه من التقرير والسكوت عند القائل به، وشمل اتفاق هذه الأمة واتفاق غيرهم.

وقوله: (علماء أهل العصر) أي الزمان قلّ أو كثر، فدخل زمن الصحابة وزمن التابعين وزمن من بعدهم، فلا يختص الإجماع بالصحابة، وأخرج به اتفاق المقلدين، واتفاق بعض المجتهدين فإنه فسّر العلماء بالفقهاء، والفقهاء هم المجتهدون، (انظر: شرح الورقات: 190 - 191) ..

علماً أن داود الظاهري خالف ذلك وقال: إنه لا حجة في إجماع من بعد الصحابة أي لا إجماع إلا إجماع الصحابة رضي الله عنهم، (انظر: الإحكام لابن حزم: م1، ج4/ 147).

وذهب إمام الكاملية –رحمه الله- إلى عدم اعتبار مخالفة الأصولي في الإجماع، وهو مذهب الجمهور، (انظر: شرح الورقات: 191،و البحر المحيط: 4/ 466) ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير