تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما لدقة الساقين أولعيب فيهما فلا يحل الإسبال، ويدل على ذلك ما أخرجه الطبراني من حيث أبي أمامة رضي الله عنه: "بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لحقنا عمرو بن زرارة الأنصاري في حُلة إزار ورداء قد أسبل، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ بناحية ثوبه ويتواضع لله، ويقول: عبدك وابن عبدك وأمتك؛ حتى سمعها عمرو فقال: يا رسول الله إني حمش الساقين؛ فقال: يا عمرو إن الله قد أحسن كل شيء خلقه، يا عمرو إن الله لا يحب المسبل" الحديث.

قال ابن حجر في الفتح [41]: (وأخرجه أحمد من حديث عمرو نفسه، لكن قال في روايته عن "عمرو بن فلان"، وأخرجه الطبراني أيضاً عن "عمرو بن زرارة"، وفيه: "وضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع أصابع تحت ركبة عمرو، فقال: يا عمرو هذا موضع الإزار؛ ثم ضرب بأربع أصابع تحت الأربع، فقال: يا عمرو هذا موضع الإزار" الحديث، ورجاله ثقات، وظاهره أن عمرو المذكور لم يقصد بإسباله الخيلاء، وقد منعه من ذلك لكونه مظنة.

وأخرج الطبراني من حديث الشريد الثقفي قال: "أبصر النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً قد أسبل إزاره فقال: ارفع إزارك؛ فقال: إني أحنف تصطك ركبتاي؛ قال: ارفع إزارك، فكل خلق الله حسن"، وأخرجه مسدّد وأبوبكر بن أبي شيبة من طرق عن رجل من ثقيف لم يسم، وفي آخره: "ذاك أقبح مما بساقك" أي الإسبال، وأما ما أخرجه ابن أبي شيبة عن ابن مسعود بسند جيد: "أنه كان يسبل إزاره، فقيل له في ذلك، فقال: إني أحمش الساقين"، فهو محمول على أنه أسبله زيادة على المستحب، وهو أن يكون إلى نصف الساقين، ولا يظن أنه جاوز به الكعبين، والتعليل يرشد إليه، ومع ذلك فلعله لم تبلغه قصة عمرو بن زرارة، والله أعلم، وأخرج النسائي وابن ماجةو صححه ابن حبان من حديث المغيرة بن شعبة: "رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ برداء سفيان بن سهل وهو يقول: "يا سفيان لا تسبل فإن الله لا يحب المسبلين").

حكم وضوء وصلاة المسبل

ذهب أهل العلم في وضوء وصلاة المسبل مذهبين:

الأول: صحح وضوء وصلاة المسبل مع الكراهة، وهم العامة من أهل العلم.

الثاني: أبطل وضوء وصلاة المسبل، وهذا مذهب ابن حزم وأحمد بن حنبل.

استدل المبطلون لوضوء وصلاة المسبل بما يأتي:

1. بما أخرجه أبوداود بإسناد صحيح على شرط مسلم كما قال النووي في رياض الصالحين [42] عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "بينما رجل يصلي مسبل إزاره، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذهب فتوضأ؛ فذهب فتوضأ ثم جاء، فقال: اذهب فتوضأ؛ فقال له رجل: يا رسول الله، مالك أمرته أن يتوضأ ثم سكت عنه؟ قال: إنه كان يصلي وهو مسبل إزاره، وإن الله لا يقبل صلاة رجل مسبل". [43]

2. وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أسبل إزاره في صلاته خيلاء فليس من الله في حل ولا حرام". [44]

قال الشيخ بكر أبو زيد: (لشدة تأثير الإسبال على نفس المسبل، وما لكسب القلب من حالة وهيئة منافية للعبودية، منافاة ظاهرة، أمر النبي صلى الله عليه وسلم المسبل بإعادة الوضوء، وأن الله لا يقبل صلاة مسبل، وحمل الفقهاء ذلك الحديث على الإثم مع صحة الصلاة، كحال فيمن صلى في كل ثوب يحرم لبسه، وفي الدار المغصوبة، وكما في تحريم آنية الذهب والفضة اتخاذاً واستعمالاً، وتحريم الوضوء منهما، خلافاً لابن حزم، ومذهب أحمد القائل ببطلان وضوء المسبل صلاته، وأن عليه الإعادة لهما غير مسبل، نعم، لا يصلي المسلم خلف مسبل اختياراً). [45]

الخلاصة

1. أن ما زاد على الكعبين للرجال، ويقاس عليه ما زاد على الرُّسغين من اليدين، من الأزر، والقمصان، والسراويل، والأكمام، ونحوها فهو في النار، أما بالنسبة للمرأة فتجر مقدار شبر أوذراع.

2. لا فرق في الإسبال بين القميص، والإزار، والرداء، والعمامة، والكم، والعباءة.

3. لا فرق في حرمة الإسبال بين من فعله خُيلاء وبطراً أم لا، إلا أن من فعله بطراً إثمه أشد ووزره أكبر لأنه كبيرة، ويحتاج إلى توبة منه قبل اجتماع سكرات الموت وحسرات الفوت عليه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير