تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

صفات، والحال قيد في عامله، فكأن تقدير الجملة: خلقت الأهلة توقيتا للناس، فكان المعنى:

أن الأهلة هي طريقة التوقيت في النظام الإسلامي.

السادسة: إذا كانت الأهلة هي طريقة التوقيت للناس ولا طريقة غيرها فإن المناسب أن نعلم

أن المقصود بجعل الأهلة مواقيت للناس هو التسهيل عليهم، لأن الله جعلها مواقيت لكل الناس

ولم يجعلها مواقيت لفئة دون فئة، ولفهم من النص لزوما أن هذه الأهلة لا يصعب الاعتماد عليها

في معرفة المواقيت، إذ لو كانت كذلك لما علق الشرع عليها معرفة المواقيت لأن الشريعة جاءت

بالتسير والتسهيل ورفعت الصعب العسير.

السابعة: معرفة المواقيت عن طريق الأهلة يكون بثلاث طرائق:

الأولى: بالحساب.

الثانية: بالعد .. وله مذاهب وطرائق عديدة عند الفلكيين وغيرهم.

الثالثة: معرفة المواقيت عن طريق الرؤية البصرية.

أما الأول والثاني فسيأتي في الفصل الثاني إبطاله، فلم يبق إلا الثالث وهو الطريقة المنصوص

عليها في أدلة الشرع، فكان المعنى بضميمة هذه المسألة: أن الرؤية البصرية للأهلة مواقيت للناس

ولا مواقيت للناس غيرها.، وبهذا يعلم أن الاعتماد على الرؤية البصرية للأهلة مأخوذ من الكتاب

والسنة وإجماع سلف الأمة أيضا.

الثامنة: أن هذه الطريقة التي اعتمدها الشريعة لا لتبخس شيئا من العلوم العصرية، ولكن الشريعة

جاءت للتيسير، وعمدت للتسهيل، فكان الاعتماد على الرؤية البصرية من تخفيفات الشريعة ورخصها

التي يلزم أخذها كما جاء في الأثر: إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه.

التاسعة: أن العمل بالرؤية البصرية للأهلة يكون على مستويين:

الأول: على مستوى الرائي فرؤيته

في حق نفسه يقينية لأنها من المحسوسات، والمحسوسات من اليقينيات ويشترط في المحسوس

اليقيني أن يكون مجزوما به في نفس الرائي وضبطه البعض بأن يقسم عليه غير وجل، فمثل

هذا لا يضره إيراد الاحتمالات لدرء اليقين الذاتي عن ذات الرائي، لذلك فالمعتمد أن الرائي

يصوم ويفطر وإن ردت شهادته إذا كان جازما بالشهادة والرؤية.

الثاني: على مستوى غير الرائي، فالرؤية في حقهم غير يقينية، لأنها ليست من المحسوسات

بل من الأخبار، والخبر لا يكون يقينيا إلا أن يكون متواترا، ويقينية التواتر إنما هو في من سمع الخبر

على جهة التواتر، لا من عرف أن الخبر متواتر، ولهذه النكتة فائدة فيما يأتي عند الكلام عن

الحساب فعض عليها فإنها من النفائس.

فغير الرائي إن استيقن الخبر وجب عليه العمل به وإن لم يستيقنه فكل علماء الشريعة يلزم

العمل بخر الآحاد في الرؤية البصرية للأهلة، بل الجمهور على اعتماد الخبر الفرد لدخول

شهر رمضان.

العاشرة: لم يأت في شريعة الله الغراء ولا في عمل السلف من لدن الصحابة أن جعلوا معايير

لقياس صحة الرؤية البصرية للأهلة كنحو الحساب أو اعتماد ترائي الأكثرية بجعل كثرة

النفاة قادحا في قلة المثبتين (إلا آراء شاذة في بعض المذاهب كالحنفية)، وكل هذا من باب

التيسير على المكلفين، وبناء على ذلك فإن صحة الرؤية البصرية في واقع الأمر ليس مقدورا

فلم يكن مطلوبا، وإنما المطلوب موافقة صفات الرؤية البصرية لما هو معلوم بالضرورة من

صفة الهلال، وصحة الرؤية البصرية من الرائي بالاستيثاق من أنه لم يخلط بين الأهلة،

وصحة خبر الرؤية البصرية بالاستيثاق من عدالة الرائي، فتحصل من هذا أن الرؤية البصرية

الشرعية للأهلة قائمة على ثلاثة أمور:

الأول: صحة رؤية الشاهد للهلال، والصحة اصطلاح شرعي يعني موافقة الشرع وليس

موافقة الواقع. فكل صحيح موافق للشرع، وليس كل موافق للشرع موافقا للواقع، فالمصلي

على غير طهارة وهو ناس صلاته صحيحة شرعا ولكن في الواقع غير صحيحة، وإنما

تبني الشريعة أحكامها على ظنون المكلفين لا على الواقع في نفس الأمر، فلو لم يتذكر

ذلك الناسي فصلاته صحيحة مجزئة، أما لو علم أنه نسي فقد علم أن صلاته ناقصة

فوجب تصحيح الخلل فيها.

الثاني: صحة خبر الرؤية البصرية بالاستيثاق من عدالة الرائي.

الثالث: إعلانها.

وقد فصلنا في المسألة العاشرة لأن كثيرا من أحكام البحث سيقوم عليها .. فهذه عشرة كاملة

في إثبات أن بدء الشهور القمرية يكون بالرؤية البصرية لا بالحساب، وأن تصحيح الرؤية

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير