أولاً: قال ابن حبّان في " صحيحه " (8/ 265 / 6719 - الإحسان): أخبرنا الحسين بن عبد الله القطّان قال: حدثنا هشام بن عمار به إلى قوله: " المعازف ".
والقطّان هذا ثقة حافظ مترجم في " سير أعلام النبلاء " (14/ 287).
ثانياً: قال الطبراني في " المعجم الكبير " (3/ 319 / 3417) ودعلج في " مسند المُقلِّين / المنتقى منه رواية الذهبي " (ق 1 - 2/ 1) قالا: حدثنا موسى بن سهل الجوني البصري: ثنا هشام بن عمار به مثل رواية البخاري. ومن طريق الطبراني رواه الضياء المقدسي في " موافقات هشام بن عمار " (ق 37/ 1 - 2).
وموسى هذا ثقة حافظ أيضاً مترجم في " السير " (14/ 261)، وقرن معه دعلج (محمد بن إسماعيل بن مهران الإسماعيلي)، وهو ثقة حافظ ثبت، وهو غير الإسماعيلي صاحب " المستخرج ".
ثالثاً: وقال الطبراني في " مسند الشاميين " (1/ 334 / 588): حدثنا محمد بن يزيد بن (الأصل: عن) عبد الصمد الدمشقي: ثنا هشام بن عمار به.
ومحمد بن يزيد هذا مترجم في " تاريخ دمشق " للحافظ ابن عساكر (16/ 124) برواية جماعة عنه، وذكر أنه توفي سنة (269).
رابعاً: قال الإسماعيلي في " المستخرج على الصحيح "، ومن طريقه البيهقي في " سننه " (10/ 221): حدثنا الحسن بن سفيان: حدثنا هشام بن عمار به.
والحسن بن سفيان - وهو الخرساني النيسابوري حافظ ثبت من شيوخ ابن خزيمة وابن حبّان وغيرهما من الحفّاظ، - مترجم في " السير " (14/ 157 - 162) وفي " تذكرة الحفّاظ ".
وهناك أربعة آخرون سمعوه من هشام، خرجهم الحافظ في " تغليق التعليق " (5/ 17 - 19)، والذهبي عن بعضهم في " السير " (21/ 157 و 23/ 7).
ثم إن هشاماً لم يتفرد به لا هو ولا شيخه (صدقة بن خالد)، بل إنهما قد توبعا، فقال أبو داود في " سننه " (4039): حدثنا عبد الوهاب بن نجدة:
حدثنا بشر بن بكر عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر بإسناده المتقدم عن أبي عامر أو أبي مالك مرفوعاً بلفظ:
" ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الخزَّ والحرير - وذكر كلاماً قال -: يُمسخ منهم آخرون قردة وخنازير إلى يوم القيامة ".
قلت: وهذا إسناد صحيح متصل كما قال ابن القيم في " الإغاثة " (1/ 260) تبعا لشيخه في " إبطال التحليل " (ص 27)، لكن ليس فيه التصريح بموضع الشاهد منه، وإنما أشار إليه بقوله: " وذكر كلاما "، وقد جاء مصرحا به في رواية ثقتين آخرين من الحفاظ، وهو عبد الرحمن بن إبراهيم الملقب ب (دُحيم) قال: ثنا بشر بلفظ البخاري المتقدم:
" يستحلون الحِرَ والحرير والخمر والمعازف. . " الحديث.
أخرجه أبو بكر الإسماعيلي في " المستخرج على الصحيح " كما في " الفتح " (10/ 56)، و " التغليق " (5/ 19)، ومن طريق الإسماعيلي البيهقي في " السنن " (3/ 272).
والآخر (عيسى بن أحمد العسقلاني) قال: نا بشر بن بكر به إلا أنه قال: " الخز " بالمعجمتين، والراجح بالمهملتين كما في رواية البخاري وغيره. انظر " الفتح " (10/ 55).
أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (19/ 152) من طريق الحافظ أبي سعيد الهيثم بن كليب الشاشي: نا عيسى بن أحمد العسلاني به مطولا.
وهذه الطريق مما فات الحافظ فلم يذكره في " الفتح "، بل ولا في " التغليق "، فالحمد لله على توفيقه، وأسأله المزيد من فضله.
وبهذه المناسبة أقول:
لقد فضح نفسه مضعف الأحاديث الصحيحة المشار إليه آنفا في تصديه لتضعيف حديث البخاري هذا من جميع طرقه ومتابعاته بأساليب ملتوية عجيبة لا تصدر ممن يخشى الله، أو على الأقل يستحي من الناس، فقد ظهر فيها مَينُه وتدليسه، ومخالفته للقواعد العلمية، وأحكام النقاد من حفاظ الأمة، وإيثاره لجهله على علمهم، وذلك في مقال له، نشره في جريدة (الرباط) الأردنية، وقد رددت عليه مفصلا في آخر المجلد الأول من " سلسلة الأحاديث الصحيحة " الطبعة الجديدة، في الاستدراك رقم (3)، وقد صدر ولله تعالى الحمد والمنة، وقد كنت أشرت إلى شيء من ذلك في مقدمة كتابي الجديد " ضعيف الأدب المفرد " (ص 14 - 16)، فأرى أنه من الضروري أن ألخص هنا بعض النقاط الهامة لتكون عبرة لمن أراد أن يعتبر، ولعله يكون منهم.
¥