والطريقة الصحيحة للتثبت من النسب أن يرسل السائل ما يعرفه من أسماء سلسلة نسبه، لتُطابق على المشجرات المحفوظة والكتب الموثوقة، للتأكد من صحتها، ولإصلاح ما قد ينتابها من خلل وخطأ أو لبيان عدم صحة النسبة، والتي قد لا يكون للسائل دور في دعواها، وإنما تكون دعوى قديمة، تلقاها الأحفاد عن الأجداد، وهي غير ثابتة.
هذا مع أن ثبوت النسبة أو عدم ثبوتها ليس بُمغنٍ عن العمل الصالح وصحة المعتقد "ومن بطّأ به عمله لم يُسرع به نسبه" مسلم (2699) كما قال –صلى الله عليه وسلم-، والله أعلم، والحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وأصحابه ومن اقتفى أثره واتقى حده.
السلام عليكم.
أنا في حيرة بشأن الحديث: (2542) في صحيح البخاري: عن ابن محيريز قال: رأيت أبا سعيد – رضي الله عنه- وسألته فقال: خرجنا مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم- في غزوة بني المصطلق وأسرنا منهم بعض العرب، وقد اشتهينا النساء وكان طول تغيبنا قد أثر فينا وأردنا أن نعزل، فسألنا النبي – صلى الله عليه وسلم- فقال: ليس هناك حاجة لذلك فما من نفس أراد الله خلقها إلى يوم القيامة إلا وستخلق.
وفي حديث آخر أنهم أسروا بعض النساء وأرادوا اللقاء بهن بدون أن يحملن منهم، فسألوا النبي – صلى الله عليه وسلم- عن العزل فقال: لا حاجة لذلك فالله قدر من سيخلق إلى يوم القيامة.
وسؤالي عن جواز الجماع مع زوجات الغير، هل يجوز في الإسلام أن يجامع المسلم زوجة رجل آخر بعد أسرها؟ نحن لا نحب أن يحدث ذلك لنا، فكيف نحب أن يقع لغيرنا؟.
بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه والتابعين. أما بعد:
أقول وبالله التوفيق: لا يخفى على مسلم أن نكاح الحرة المتزوجة بآخر حرام قطعاً، وهو الزنا الذي هو من أكبر الكبائر. وقد قال تعالى في ذكر المحرمات في النكاح: "والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم" [النساء: 24].
لكن جاء في هذه الآية استثناء السبايا من المتزوجات، فيكون المعنى: إن ذوات الأزواج محرمات، إلا ما ملكت اليمين بالسبي في الحرب أو بالشراء، فإنهن مباح نكاحهن، ولو كن ذوات أزواج، بشرط أن لا يكون زوجها معها. أما إذا كان زوجها مسبياً معا، فهي زوجة له، ما داما تحت ملك رجل واحد، أما إذا بيع أحد الزوجين، فقد انفسخ نكاحهما بهذا البيع، وجاز نكاح المسبية بعد استبرائها.
هذه خلاصة حكم المسبية من النساء، على خلاف في بعض مسائلها بين الفقهاء.
إذاً فالحديث الذي في البخاري (2542)، ومسلم (1438) عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه- الذي سأل عنه السائل في السبايا خاصة، لا في مطلق نساء غير المسلمين. والسبي لا يكون إلا للمحاربين ومن معهم في دار الحرب من النساء والأطفال، أما غير المحاربين من غير المسلمين، فلا سبي عليهم.
وبهذا تعلم أن هذا السبي خاص بمن حارب المسملين وبمن كان معه من النساء والأطفال. ولا شك أن من سعى في قتلك ومحاربتك، فقد سعى في الاعتداء عليك بأكثر من سجنك له فيما لو قدرت عليه، ولو كان حكماً بالسجن المؤبد. كيف والسباء أقل ضرراً وأهون على النفس في منع الحرية من السجن، خاصة في الإسلام، الذي له في أحكام الرقيق ما لا يعرفه الغرب أو الشرق من غير المسلمين، ولا أظنهم يتصورونه من إيجاب حسن المعاملة للرقيق، والرفق بهم، وأن يطعموا مما نطعم، وأن يكسوا مما نكتسي، وأن لا يكلفوا من الأعمال إلا ما يطيقون. مع حث الله –تعالى- ورسوله – صلى الله عليه وسلم- على العتق، وإيجابه في أحوال، وترتيب عظيم الأجر عليه.
وخطأ الغرب لما حارب الرق، أنه ظن أن أحكام الرقيق عند المسلمين مثل أحكامه عندهم، وهذا بعيد كل البعد عن الحق والواقع. مع أن كثيراً من دول الغرب (أو بعضها) تحرم استعباد الأفراد، ثم هي تستعبد شعوباً بأكملها: باحتلال أوطانها (بغزو عسكري صريح، أو بوضع حكومات تنفذ رغباتها)، وباستنزاف ثروات بلادها، وبتعمد منع الشعوب من كل ما قد يرتقي بها إلى مصاف الدول المتقدمة حضارياً في مجال العلوم الكونية والصناعة، لكي تبقى سوقاً لبضائعها. إن هذه الصور من الاستعباد للشعوب، لم يزل الغرب يمارسها بأبشع صورة في بلاد المسلمين.
¥