ـ[محمد الأمين]ــــــــ[27 - 12 - 04, 11:08 م]ـ
تكفير تارك الصلاة هو قول جمهور السلف، وهو إجماع الصحابة رضي الله عنهم.
وهذا بحث لي
إجماع الصحابة على تكفير تارك الصلاة
بسم الله الرحمن الرحيم
ترك الصلاة جُحوداً بها أو إنكاراً لها كفرٌ وخروجٌ عن مِلًَةِ الإسلام بإجماع المسلمين. ومن تركها كَسَلاً -مع إيمانه بها واعتقاده فرضيتها- فقد صرّح القرآن والحديث الصحيح بكفره ووجوب قتله. وعلى هذا إجماع الصحابة، وإنما حدث الخلاف من بعدهم.
أولا: من الكتاب:
قال تعالى في سورة التوبة: {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين} (التوبة:11). أي أن الله تعالى اشترط لثبوت الأخوة بيننا وبين المشركين، ثلاثة شروط: أن يتوبوا من الشرك، وأن يقيموا الصلاة، وأن يؤتوا الزكاة. فإن تابوا من الشرك، ولم يقيموا الصلاة، ولم يؤتوا الزكاة، فليسوا بإخوة لنا. والأخوة في الدين لا تنتفي إلا حيث يخرج المرء من الدين بالكلية. فلا تنتفي الأخوة الإيمانية بالفسوق والكفر دون الكفر، حتى وإن كان قتل المؤمن.
وهناك أدلة أخرى ذكرها ابن القيم بتوسع في كتابه "الصلاة وحكم تاركها".
ثانيا: من السنة:
1) أخرج مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله t، عن النبي r قال: «إن بين الرجل، وبين الشرك والكفر: ترك الصلاة». وعطف الشرك على الكفر، تأكيد قوي لكونه كافراً.
2) أخرج أحمد وأصحاب السنن عن بريدة بن الحصيب t، قال: سمعت رسول الله r يقول: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة. فمن تركها، فقد كفر». والمراد بالكفر هنا، الكفر المخرج عن الملة. لأن النبي r، جعل الصلاة فصلا بين المؤمنين والكافرين. ومن المعلوم أن ملة الكفر غير ملة الإسلام، فمن لم يأت بهذا العهد فهو من الكافرين.
3) وفي صحيح مسلم، عن أم سلمة t، أن النبي r قال: «ستكون أمراء، فتعرفون وتنكرون، فمن عرف برئ، ومن أنكر سلم، ولكن من رضي وتابع». قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال: «لا ما صلوا».
4) وفي صحيح مسلم أيضاً، من حديث عوف بن مالك t، أن النبي r، قال: «خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، ويصلون عليكم وتصلون عليهم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم». قيل: يا رسول الله: أفلا ننابذهم بالسيف؟ قال: «لا ما أقاموا فيكم الصلاة».
ففي هذين الحديثين الأخيرين، دليل على منابذة الولاة، وقتالهم بالسيف، إذا لم يقيموا الصلاة. ولا تجوز منازعة الولاة وقتالهم، إلا إذا أتوا كفرا صريحا، عندنا فيه برهان من الله تعالى، لما أخرجه الشيخان من قول عبادة بن الصامت t: « دعانا رسول الله r، فبايعناه، فكان فيما أخذ علينا، أن بايعنا على السمع والطاعة، في منشطنا، ومكرهنا، وعسرنا، ويسرنا، وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله. قال: "إلا أن تروا كفرا بواحاً عندكم من الله فيه برهان"». وعلى هذا فيكون تركهم للصلاة –الذي علق عليه النبي r منابذتهم وقتالهم بالسيف– كفراً بواحاً عندنا فيه من الله برهان.
ولم يرد في الكتاب والسنة أن تارك الصلاة ليس بكافر أو أنه مؤمن. وغاية ما ورد في ذلك نصوص تدل على فضل التوحيد، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وثواب ذلك. وهي إما مقيدة بقيود في النص نفسه يمتنع معها أن يترك الصلاة، وإما واردة في أحوال معينة يعذر الإنسان فيها بترك الصلاة، وإما عامة فتحمل على أدلة كفر تارك الصلاة. لأن أدلة كفر تارك الصلاة خاصة، والخاص مقدم على العام.
ثالثاً: من الإجماع:
1– أخرج المروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (2
877) واللالكائي في "اعتقاد أهل السنة" (4
829): من طريق يعقوب بن إبراهيم (ثقة فاضل) قال ثنا أبي (إبراهيم بن سعد، ثقة حجة) عن محمد بن إسحاق (جيد) قال: ثنا أبان بن صالح (ثقة ثبت) عن مجاهد أبي الحجاج (ثقة إمام) عن جابر بن عبد الله t قال: قلت له: «ما كان يفرق بين الكفر والإيمان عندكم من الأعمال على عهد رسول الله r؟». قال: «الصلاة».
وشغب البعض فقال: لعل بعض الصحابة كان لا يرى تكفير تارك الصلاة، ولم يعرف عنه جابر ولا نحن. أقول: هذا قول خبيث، لأن المراد منه إبطال الإجماع كلية. ثم إذا كان الصحابي لا يُقبل قوله بدعوى الإجماع، فمن الذي سيُقبل قوله؟!
¥