تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأخرج المروزي (2

875) والحارث في مسنده (كما في زوائد الهيثمي ص181): عن إسماعيل بن عبد الكريم الصنعاني قال: حدثني إبراهيم بن عقيل بن معقل بن منبه، عن أبيه عقيل، عن وهب بن منبه، قال: وسألت جابراً (بن عبد الله t): « هل في المصلين من طواغيت؟». قال: «لا». وسألته: «هل منهم مشرك؟». قال: «لا». وأخبرني أنه سمع النبي r يقول: «بين الشرك والكفر ترك الصلاة». وسألته: «أكانوا يدْعون الذنوب شركاً؟». قال: «معاذ الله! ولم يكن يدعون في المصلين مشركا».

وهذا إسناد رجاله ثقات، إلا أن ابن معين قد نفى سماع وهب من جابر، واعتبره صحيفة. لكن هذا يعتبر به في الشواهد، لما يتقوى بما قبله. وتأمل كيف نفى جابر كون الصحابة كانوا يسمون الذنوب شركاً. ففيه ردٌّ على من حمل الشرك هنا على شرك الذنب، لا شرك الكفر. وجابر t هو راوي الحديث «إن بين الرجل، وبين الشرك والكفر: ترك الصلاة». فهذا تفسير الحديث (وإن كان صريحاً لا يحتاج لتفسير).

2– قال التابعي الجليل عبد الله بن شقيق العقيلي: «كان أصحاب محمد r لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر، إلا الصلاة». أخرجه الترمذي (#2622) والحاكم (1

48

12) من طريق بشر بن المفضّل، عن سعيد بن إياس الجُرَيْري، عن عبد الله بن شقيق به. وصححه الحاكم على شرط البخاري ومسلم. وبشر قد سمع من الجريري قبل اختلاطه، كما ذكر ابن حجر في "هدي الساري" (ص405).

والمعنى هو أن: الصحابة لا يعتقدون شيئاً من الأعمال الظاهرة تركه كفر غير الصلاة. فإن قيل: كيف هذا وهناك صور كثيرة من الكفر غير ترك الصلاة؟ فالجواب: أن المراد بالحديث تكفير تارك الصلاة، من جملة أعمال الجوارح الظاهرة، التي يسهل جداً تبينها في كل فرد. أما باقي أركان الإسلام فتبينها أصعب. فكيف تعرف أن الرجل يؤدي زكاته، مع علمك بأن صدقة السر أفضل؟ وأما باقي أعمال الجوارح الظاهرة التي يكفر تاركها، فهي نادرة، وليست عامة في الأمة كعموم الصلاة، وذلك كمن رأى رجلاً يريد أن يقتل نبياً، وهو قادر على الدفاع عن النبي دون أن يلحقه أذى، فلم يفعل، –كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية– فهذا أمر نادر، وفي زمن مخصوص، وفي حق رجل معين. بخلاف الصلاة التي هي عامة في الأشخاص، والأزمنة، والأحوال.

قال المباركفوري في "تحفة الأحوذي" (7

370): «قول عبد الله بن شقيق هذا، بظاهره يدل على أنّ أصحاب رسول الله r كانوا يعتقدون أن ترك الصلاة كفر. والظاهر من الصيغة، أن هذه المقالة اجتمع عليها الصحابة، لأن قوله: "كان أصحاب رسول الله r" جمع مضاف، وهو من المشعرات بذلك».

3– قال التابعي الإمام الحسن البصري: بلغني أن أصحاب رسول الله r كانوا يقولون: «بين العبد وبين أن يشرك، فيكفر: أن يدع الصلاة من غير عذر». أخرجه اللالكائي (4

829 #1539)، وابن بطة في "الإبانة" (87) والخلال في "السنة" (4

142 #1372).

4– أخرج محمد بن نصْرٍ المرْوَزي في "الصلاة" (2

925 #978): ثنا محمد بن يحيى (الذهلي، إمام ثبت) ثنا أبو النعمان (محمد بن الفضل السدوسي، الملقب بعارم: ثقة ثبت) ثنا حماد بن زيد (إمام ثبت فقيه) عن أيوب (تابعي ثبت من سادة الفقهاء) قال: «تَرْكُ الصلاة كُفْر، لا يُختلَفُ فيه». والذهلي قد سمع من عارم قبل اختلاطه، فهذا إسناد غاية في الصحة.

5– وقال المروزي: سمعت إسحاق بن راهويه (الإمام الثبت المعروف، نظير أحمد بن حنبل) يقول: «صح عن النبي r: أن تارك الصلاة كافر. وكذلك كان رأي أهل العلم من لدن النبي r إلى زماننا هذا أن: تارك الصلاة عَمْداً من غير عُذر حتى يذهب وقتها، كافر».

6– قال المروزي في "الصلاة" (2

925): «ذكرنا الأخبار المروية عن النبي r في إكفار تاركها، وإخراجه إياه من الملة، وإباحة قتال من امتنع من إقامتها. ثم جاءنا عن الصحابة t مثل ذلك، ولم يجئنا عن أحد منهم خلاف ذلك. ثم اختلف أهل العلم بعد ذلك ... ». ومعلوم أن محمد بن نصر المروزي من أهل الاستقراء التام، والمعرفة الواسعة بأقوال أهل العلم، ومواضع الإجماع والنِّزاع، كما صرح بذلك أبو بكر الخطيب، فقد قال في "تاريخ بغداد" (3

315): «كان من أعلم الناس باختلاف الصحابة ومن بعدهم في الأحكام». قال الذهبي في "سير النبلاء" (14

34) مؤيدًا ذلك: «يقال: إنه كان أعلم الأئمة باختلاف العلماء على الإطلاق».

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير