ولكن القرآن يثبت الحق ويمحو الباطل، بل وأتى بتفاصيل لم تتطرق لها فرضيات البشر فيما يتعلق بالكروية والاستدارة.
وابن تيمية - أخي طلال - صرّح باستدارتها على نحو تأصيلي عقلي شرعي رائع.
قال رحمه الله في الفتاوى: ((ومن الأدلة على ذلك قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [الأنبياء: 33]، وقال تعالى: {لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس: 40].
قال ابن عباس وغيره من السلف: في فلكة مثل فلكة المغزل، وهذا صريح بالاستدارة والدوران، وأصل ذلك: أن الفلك في اللغة: هو الشيء المستدير، يقال: تفلك ثدي الجارية إذا استدار، ويقال لفلكة المغزل المستديرة: فلكة، لاستدارتها.
فقد اتفق أهل التفسير واللغة على أن الفلك: هو المستدير، والمعرفة لمعاني كتاب الله إنما تؤخذ من هذين الطريقين: من أهل التفسير الموثوق بهم من السلف، ومن اللغة: التي نزل القرآن بها، وهي لغة العرب.
وقال تعالى: {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ} [الزمر: 5]، قالوا: والتكوير: التدوير، يقال: كورت العمامة، وكورتها: إذا دورتها، ويقال: للمستدير كارة، وأصله كورة، تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفًا، ويقال أيضًا: كرة وأصله كورة، وإنما حذفت عين الكلمة كما قيل في ثبة وقلة.
والليل والنهار، وسائر أحوال الزمان تابعة للحركة، فإن الزمان مقدار الحركة، والحركة قائمة بالجسم المتحرك، فإذا كان الزمان التابع للحركة التابعة للجسم موصوفًا بالاستدارة، كان الجسم أولى بالاستدارة.
وقال تعالى: {مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ} [الملك: 3]، وليس في السماء إلا أجسام ما هو متشابه ـ فأما التثليث، والتربيع، والتخميس، والتسديس، وغير ذلك: ففيها تفاوت واختلاف، بالزوايا والأضلاع ـ لا خلاف فيه، ولا تفاوت، إذ الاستدارة التي هي الجوانب)). أ. هـ.
ـ[عبد]ــــــــ[18 - 06 - 05, 03:59 م]ـ
قلت: وفي قول بن تيمية: ((والليل والنهار، وسائر أحوال الزمان تابعة للحركة، فإن الزمان مقدار الحركة، والحركة قائمة بالجسم المتحرك، فإذا كان الزمان التابع للحركة التابعة للجسم موصوفًا بالاستدارة، كان الجسم أولى بالاستدارة))، إشارة ضمنية لحركة الأرض وكرويتها في وقت واحد لأن سياق حديثه عن الليل والنهار القائمين بالجسم المتحرّك فما هو هذا الجسم المتحرك الذي يتحدث عنه بن تيمية؟
الأظهر من سياق الكلام أن الجسم المتحرك هو الأرض لأن الليل والنهار لا يتبعان الشمس وإنما يتبعان الجسم الموصوف بهما وهذا الجسم هو الأرض كما ترى. كما أن التكوير لغة يقتضيه لأن قول العرب: التكوير من كور العمامة أي لفها حول رأسه، دلالة على حركة الجسم حول نفسه وذلك ان إلتفاف العمامة لا يكون إلا حول نفسها.