[إشكال في مسألة سب الدين]
ـ[محمد سعيد]ــــــــ[16 - 06 - 05, 07:47 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سأل أحد زملائي أحد المشايخ عن حكم من يسب الدين , فقال أنه لا يكفر , فلما سأله زميلي عن الدليل قال له دليلي هو فعل موسى عليه السلام في الآية " ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال بئسما خلفتموني من بعدي أعجلتم أمر ربكم وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه "
فما قولكم بارك الله فيكم؟
ـ[أبو المنذر النقاش]ــــــــ[16 - 06 - 05, 09:06 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الحبيب السعيد بإذن الله تعالى: محمد سعيد:
ليس ثمة إشكال فيما أوره هذا الشيخ غفر الله تعالى له، واستدلاله بالآية خطأ من جهات:
الأول: أن الثابت في نص الكتاب العزيز أن الله تعالى أخبر موسى عليه السلام بأن قومه عبدوا العجل فلم يلق الألواح ساعتها، لكنه صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي لما عاين بأم رأسه الكفر أخذته الغضبة في الله تعالى فليس الخبر كالمعاينة فألقى الألواح ليس رميا ولا استهزاءا ولا تحمل أي معنى من معاني الحط على الألواح ولا ما فيها.
أما ساب الدين فأمر آخر وحال ثان، فمن العجب العجاب أن يقاس من غضب لله تعالى فبدر منه فعل ما كمن سب الدين.
الثاني: أن ابن تيمية رحمه الله تعالى حكى الإجماع على كفر ساب الله أو رسوله، ومن سب الدين فقد سب من أنزله فساب الدين في الواقع قد جمع بين سب الله تعالى وسب رسوله وسب ما أتى به الله ورسوله فهو في الواقع أكفر من سب الله وحده أو رسوله وحده.
يقول ابن تيمية رحمه الله تعالى في أول صارمه المسلول:
إن سبَّ الله أو سب رسولَه كفر ظاهراً وباطناً، سواء كان الساب يعتقد أن ذلك محرم، أو كان ذاهلاً عن اعتقاده، هذا مذهب الفقهاء وسائر أهل السنة القائلين بأن الإيمان قول وعمل.
وقال ابن حزم في محلاه وقد ساق الأدلة على كفر الساب: فصح بما ذكرنا أن كل من سب الله تعالى، أو استهزأ به، أو سب ملكاً من الملائكة أو استهزأ به، أو سب نبياً من الأنبياء أو استهزأ به، أو سب آية من آيات الله تعالى أو استهزأ بها، والشرائع كلها والقرآن من آيات الله تعالى، فهو بذلك كافر مرتد له حكم المرتد، وبهذا نقول.
فانظر كيف جعل ابن حزم رحمه الله تعالى مجرد سب آية من آيات الله تعالى كفر مخرج من الملة فما بالك بمن سب الدين جملة بما فيه من آيات وأحاديث والنبي ... الخ، هذا أكفر بلا شك.
الثالث: أن من الدلائل على فساد هذا الإستدلال هو أنا لم نر أحدا من العلماء الأقدمون استدل بهذه الآية وهذا برهان خطأ الإستدلال بهذه الآية ولو كان فيها دلالة لاستدل بها جماهير الجهمية والأشاعرة وغيرهم ممن يقول بأن الإيمان لا ينتقض إلا بالإستحلال القلبي، وإنما لم يستدلوا بها لعلمهم أن الآية ليس محلا للإستدلال ويزيد هذا الوجه وضوحا:
الوجه الرابع وهو:
أن العلما ءتكلموا في هذه الآية وبينوا معناها، وقد ذهب بعض العلماء أن الله تعالى كان يعفو لموسى عليه الصلاة والسلام ما لم يعف عن غيره لما عاناه مع فرعون من شدة وعنت فهو من كبار أولي العزم كما هو معلوم فأوجب هذا له من الدلال والتجاوز ما لا يكون لغيره، وقد شد لحية أخيه وهو نبي مثله وفقأ عين ملك الموت فما لامه الله تعالى، وقد لام آدم ونوح وداود ويونس على ما بدر منهم.
الخامس: أن هذا لو كان كما يستدل به الشيخ المشار إليه لكان من شرع من قبلنا الذي دل الإجماع في شرعنا على عدم اعتباره.
السادس: أن هذا الذي قاله الشيخ غفر الله تعالى له يمشي على مصطلح من لا يدخل العمل في مسمى الإيمان أما أهل الحديث والأثر الأمجاد أهل السنة والجماعة فالعمل عندهم ركن أصلي منه، ومن هذا العمل ما ينقض الإيمان، بل قد ينتقض الإيمان بقول ولفظ يخرجه العبد كما هو مسطور في كتب أهل السنة والجماعة أهل الحديث والأثر الأمجاد.
يقول ابن تيمية رحمه الله تعالى: إن سبَّ الله أو سب رسولَه كفر ظاهراً وباطناً، سواء كان الساب يعتقد أن ذلك محرم، أو كان ذاهلاً عن اعتقاده، هذا مذهب الفقهاء وسائر أهل السنة القائلين بأن الإيمان قول وعمل.
السابع: أن الإجماع انعقد على كفر من سب المصحف أو نفى آية منه أو اعترض على آية منه أو زعم أن بها خلل أو زعم أن في حكمه ظلم أو جور أو عدم مناسبة للعصر.
¥