[المكاشفات والتصرفات .... ما معناها?]
ـ[طلال العولقي]ــــــــ[21 - 06 - 05, 06:43 م]ـ
احسن الله اليكم
اشكل علي ما تحته خط في كلام شيخ الاسلام رحمه الله
في رسالته التي قال في مطلعها انها الى المسلمين المنتسبين إلى السنة والجماعة، المنتمين إلى جماعة الشيخ العارف القدوة ـ أبي البركات عدي بن مسافر الأموي
قال رحمه الله"
وأنتم ـ أصلحكم الله ـ قد مَنَّ الله عليكم بالانتساب إلى الإسلام الذي هو دين الله، وعافاكم الله مما ابتلى به من خرج عن الإسلام من المشركين وأهل الكتاب. والإسلام أعظم النعم وأجلها؛ فإن الله لا يقبل من أحد دينًا سواه {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85].
وعافاكم الله بانتسابكم إلى السنة من أكثر البدع المضلة، مثل كثير من بدع الروافض والجهمية والخوارج والقدرية، بحيث جعل عندكم من البغض لمن يكذب بأسماء الله وصفاته، وقضائه وقدره، أو يسب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هو من طريقة أهل السنة والجماعة، وهذا من أكبر نعم الله على من أنعم عليه بذلك، فإن هذا من تمام الإيمان وكمال الدين؛ ولهذا كثر فيكم من أهل الصلاح والدين وأهل القتال المجاهدين ما لا يوجد مثله في طوائف المبتدعين، وما زال في عساكر المسلمين المنصورة وجنود الله المؤيدة منكم، من يؤيد الله به الدين، ويعز به المؤمنين.
وفي أهل الزهادة والعبادة منكم من له الأحوال الزكية والطريقة المرضية، وله المكاشفات والتصرفات.
"
فما يعني بالمكاشفات والتصرفات?
ـ[أبو المنذر النقاش]ــــــــ[21 - 06 - 05, 11:23 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الحبيب المحترم العولقي:
هذه العبارات تطلق ويتنوع المعنى المراد منها:
أما المكاشفات:
فإن أطلقها رجل من أهل السنة والحديث مثل ابن تيمية فإنما يعنى بها ما قصده النبي صلى الله عليه وسلم في قوله إن يكن من أمتي محدثون فهو عمر، أي أنه يلهم من الله تعالى في أفعاله وتصرفاته حتى وكأنه يوحى إليه، فينكشف له أحوال معينة لا تنكشف لغيره مثل قول عمر رضي الله عنه لسارية: يا سارية الجبل، وبينهما بلاد محذرا له من الأعداء يأتونه من وراء الجبل، ونحوه وبعبارة موجزة: هي فراسة المؤمن الذي بلغ مع الله تعالى من العمل وحسن النية مبلغا أهلته لأن يكرمه الله تعالى بهذه المنحة.
وقد يقصد بها معنى صحيح أيضا وهي ما يطلق عليه أرباب المعاملة: بعلم الباطن، وهو أن يورث الله تعالى العبد معرفة هي أشبه بالإلهام، فتجده يفهم من أسماء الله تعالى ما لا يفهمه غيره ويفهم من حكم الله تعالى في أفعاله ما لا تجده في كتاب أو تأليف، وهذا من عموم العلم الذي يقذفه الله تعالى في قلب المؤمن إذا أخلص له ودعاه، وممن رزقهم الله تعالى هذا الفهم ابن تيمية رحمه الله تعالى وهذا معاين في كتبه وأبحاثه تمام المعاينة.
أما عند محترقة الصوفية فتعني ما قدمناه، غير أنهم يزيدون عليها مكاشفة أمور أخرى كثيرة لا يجوز لأحد أن يطلع عليها مثل الأمور الخمس التي أبهمها الله كادعاء معرفة النفس بأي أرض تموت، وقد يدعى بعضهم أنه اطلع على ما في اللوح المحفوظ ... ألخ، ولهم عبارات في ذلك قد ترتقي لحد الكفر الصراح.
أما التصرفات:
فالمعني بها عند الفريقين واحد ويقصد بها الكرامة وهي عند أهل السنة معترف بها بالأدلة القرآنية والسنية كما هو معلوم وعلى ما فصل اللالكائي رحمه الله تعالى في جزئه الخامس من كتاب السنة.
غير أن بعض الصوفية المحترقة قد يتعدى في ذلك إلى ادعاءات ما أنزل الله بها من سلطان مثل ما كان يؤثر عن بعضهم أنه يقول: إن سواقي الدنيا بيدي، وإن الله تعالى قد أعطاني رزق الناس أتصرف فيه، أو أنا أرزق الحيتان في البحار أفلا أرزق مريدي .. الخ هذه الأمور التي لا يصح لعبد أن يدعيها ولو حق لأحد لكان أولى الناس بها النبي صلى الله عليه وسلم ولم يدعيها فعلم أن من يدعيها فهو كاذب جاهل.
ولذلك يعرفونها بقولهم: التصرفات في العوالم والأكوان بأنواع التصرفات.
وقد يعتذر بعض من يحسن الظن بهم كما فعل ابن خلدون في مقدمته، لكن هذا كلام مردود، وواقع التاريخ الإسلامي يدل على ذلك فلا يوجد من علماء الأئمة المهتدون من ادعى تلك الإدعاءات ولا قالها، وما رأينا على مدار التاريخ رجل ادعاها إلا وهو مغموص عليه في دينه كابن عربي والحلاج وابن سبعين وابن التلمساني وابن الراوندي وما يحكى عن البدوي ساكن طنطا من قرى مصر وغيرهم، وقد حكم عليهم علماء وقتهم بما هم له أهل.
وجزاكم الله تعالى خيرا.