1 - فيه دليل على التكنية أو التصريح بما يُستحيا من ذكره لنشر العلم.
2 - جواز تعرّي الزوجين بعضهما مع بعض؛ لأن النبي ? كان يغتسل هو وعائشة-رضي الله عنها-من إناء واحد، ومن لازم ذلك التعرِّي، وقد دلّ على ذلك قول الله تعالى:?والذين هم لفروجهم حافظون?إلاّ على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين?.
3 - غمسُ يد الجنُب في الإناء، فإنه لا يسلبه الطهورية، وإن كان قبل أن يغسلها ثلاثاً، خلافاً للفقهاء-رحمهم الله-فإنهم قالوا: من غمس يده في الإناء قبل غسل يديه ثلاثاً، فإنه يسلبه الطهورية، فيصبح طاهراً لا طهوراً.
4 - بساطة النبي ?؛لأنه لم يتكلّف ويغتسل في إناء مُستقِلّ، بل كان يغتسل هو وأم المؤمنين عائشة-رضي الله عنها-من إناء واحد؛ لأن هذا يُشعر ويُؤلّف بين الزوجين.
? ? ?
134 - عن أبي هريرة ? قال: قال رسول الله ?:"إن تحت كلّ شعرة جنابة، فاغسلوا الشعر، وأنقوا البَشَر".رواه أبو داود والترمذي وضعَّفاه.
135 - ولأحمد عن عائشةَ-رضي الله عنها-نحوُهُ، وفيه راوٍ مجهول.
تحت كل شعرة: سواء كان هذا الشعر شعر الرأس، أو شعر بقيّة البدن، فكل شعرة من البدن تحتها جنابة.
فاغسلوا الشعر وأنقوا البشر: أيهما أبلَغ الإنقاء أم الغَسْل؟
الإنقاء أبلَغ، وإنما قال-عليه الصلاة والسلام-:"فاغسلوا الشعر، وأنقوا البشَر"لأن البَشَر يحتاج إلى إنقاء في بعض الأحيان، وذلك أن البشرة قد يكون عليها أوساخ أو دهون أو عرَق، فتحتاج إلى إنقاء أي مبالغة في الغَسل.
*هذا الحديث ضعيف مثل ما قال المؤلّف-رحمه الله-فيه راوٍ مجهول، من حيث السند ضعيف، ولكن معناه صحيح، دلّت النصوص على هذا المعنى من الكتاب والسنّة.
قال الله تعالى:?وإن كنتم جُنُباً فاطّهروا?وهذا يدلّ على أنه يجب تعميم البدن بالغَسْل.
وسبق لنا في حديث عائشة-رضي الله عنها-أن النبي ? كان يفيض الماء على سائر جسده، إذاً ما دلّ عليه الحديث من المعنى صحيح، لا من هذا الحديث لكن من نصوص أخرى.
هذا الحديث على تقدير صحّته، فيه فوائد:
1 - في الحديث دليل على ما قال الفقهاء-رحمهم الله-:من أن الجنابة تَحِلّ جميع البدن، يعني يُوصَف جميع البدن بأنه جُنُب، وإذا حلّت الجنابة جميع البدن وَجَبَ غَسْلُ جميع البدن، وبهذا تُعْرَف الحكمة أن الله?أوجب في غسل الجنابة، أن يُغسَل جميع البدن، ما هي الحكمة؟ قالوا إن الحكمة من ذلك: أن الإنسان إذا جامع أو إذا أنزل منيّ، فإن جميع بدنه تلذّذ بهذه الشهوة، ولهذا يَهْتَزّ جميع البدن، فكان من الحكمة أن يطهّر جميع البدن. ونظير ذلك: الزاني المُحصَن يُرْجَم حتى يموت. قال العلماء: أن جميع البدن بدنه تلذّذ بهذه الشهوة المحرّمة، فكان من الحكمة أن يصيبه الألم في جميع بدنه.
?وبهذا انتهى هذا الباب، فالذي تلخّص لنا مما تقدّم من الأغسال، هي:
1 - الجنابة. 2 - الحيض. 3 - إسلام الكافر. 4 - الجمعة. 5 - النفاس.
ما سِوى هذه الأغسال حكمها مستحبّ.
الجنابة: توجب أشياء، وتمنع من أشياء:
*توجب: الغسل.
* يُمنَع الجُنُب من أشياء:
1) من كلّ شيء تُشترط له الطهارة، مثل:
- الصلاة.
- مسّ المصحف.
- الطواف، عند جمهور العلماء.
2) قراءة القرآن، ونخصّ ذلك؛ لأن مَن حدثه أصغر لا يُمنَع من قراءة القرآن، يجوز له القراءة بدون مسّ.
3) الُّلبث في المسجد بغير وضوء.
الحائض: تُمنَع من أشياء وتوجِب أشياء:
*تمنع من الأشياء التي يُمنع منه الجُنُب، وهي الثلاثة السابقة:
1) كلّ ما تُشترط له الطهارة. 2) قراءة القرآن. 3) اللبث في المسجد مطلقاً.
وتوجد أشياء تمنع منها أيضاً:
4) الوطء. 5) الصيام. 6) الاعتكاف.
7) الطلاق، فيحرم طلاق الحائض، قال تعالى:?يا أيها النبي إذا طلّقتم النساء فطلّقوهن لعدتهنّ?.
?لكن يُستثنى من تحريم طلاق الحائض مسائل يجوز فيها طلاق الحائض، في ثلاث مسائل:
المسألة الأولى: إذا كان الطلاق قبل الدخول والخلوة.
مثال: رجل تزوّج امرأة، عَقَدَ عليها ولم يدخل بها ولم يَخْلُ بها، وطلّقها وهي حائض، فإن الطلاق يقع، وأنه طلاق سنّة ولا يوصَف بأنه بدعة؛ لأنه لا عِدّة عليها، قال الله تبارك وتعالى:?يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهنّ فما لكم عليهنّ من عدّة تعتدونها?.
المسألة الثانية: إذا كانت الحائض حاملاً،وهذا نادر.
إذا كانت حاملاً وهي حائض جاز الطلاق؛ لأنها حينئذٍ تعتدّ بوضع الحمل، لا بالحيض، قال تعالى:?وأُولات الأحمال أجلُهُنّ أن يضعن حملهنّ?وجاز الطلاق في هذه المسألة؛ لأن الحمل يقضي على الحيض، ولهذا الحامل تُسمّى عند العلماء (أمّ المعتدات) أو (أم العِدَد) لأن عدّة الحمل تقضي على كلّ عدّة، وحيض الحامل نادر قليل، ولهذا قال الإمام أحمد-رحمه الله-:"إنما تَعْرِف النساء الحمل بانقطاع الحيض".
المسألة الثالثة: إذا كان الطلاق على عِوَض.
يجوز للإنسان أن يطلّق امرأته على عِوَض وهي حائض وهو (الخُلع).مثال: لو أن امرأة حصل بينها وبين زوجها شِقاق ونزاع، فطلبت منه الطلاق، فقال: لا أُطلقكِ إلاّ بدراهِم، أو ابذلِي دراهم وأطلقكِ، فبذلت دراهم وطلّقها، فهذا الطلاق يصحّ، ولا يكون طلاق؛ لأنه فسخ، حتى ولو كان حال الحيض، لما ثبت في الصحيحين من حديث امرأة ثابت بن قيس، فقالت يا رسول الله: إني لا أعيب عليه في خُلُق ولا دين، ولكنِّي أكره الكفر في الإسلام (الكفر هنا هو كفر العشير) فقال النبي ?:"أتردّين عليه حديقته؟ "قالت: نعم، قال:"اقبل الحديقة، وطلّقها تطليقة".هنا لم يستفصِل-عليه الصلاة والسلام-هل كانت حائضاً أو غير حائض.
*الحيض يوجب أشياء:
1) الغُسُل.
2) البلوغ؛ لأن الحيض يحصل به البلوغ.
3) الاعتداد بالحِيَض، أنها تصير من ذوات الحيض لا بالأشهر؛ لأنها قبل أن تحيض عدتها بالأشهر. وهذا ما لم تكن عدتها عدة وفاة؛ لأنها إن كانت
عدّة وفاة فعدّتها بالأشهر سواء كانت حائضاً أو لم تكن حائضاً؛ لقوله تعالى:?والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهنّ أربعة
أشهر وعشراً?.
وبهذا انتهى ? باب الغسل وحكم الجنب ? يوم الجمعة 11/ 1/1424هـ
أسأل الله تعالى أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح