أي بالغة في الحسن غايته، قال الله تعالى: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى). وذلك لأنها متضمنة لصفات كاملة لا نقص فيها بوجه من الوجوه، لا احتمالاً ولا تقديراً.
* مثال ذلك: "الحي" اسم من أسماء الله تعالى، متضمن للحياة الكاملة التي لم تسبق بعدم، ولا يلحقها زوال. الحياة المستلزمة لكمال الصفات من العلم، والقدرة، والسمع، والبصر وغيرها.
* ومثال آخر: "العليم" اسم من أسماء الله متضمن للعلم الكامل، الذي لم يسبق بجهل، ولا يلحقه نسيان، قال الله تعالى (عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى). العلم الواسع المحيط بكل شيء جملة وتفصيلاً، سواء ما يتعلق بأفعاله، أو أفعال خلقه، قال الله تعالى: (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ). (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)، (يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ).
* ومثال ثالث: "الرحمن" اسم من أسماء الله تعالى متضمن للرحمة الكاملة، التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، "لله أرحم بعباده من هذه بولدها" يعني أم صبي وجدته في السبي فأخذته وألصقته ببطنها وأرضعته، ومتضمن أيضاً للرحمة الواسعة التي قال الله عنها: (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ)، وقال عن دعاء الملائكة للمؤمنين: (رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً).
والحسن في أسماء الله تعالى يكون باعتبار كل اسم على انفراده، ويكون باعتبار جمعه إلى غيره، فيحصل بجمع الاسم إلى الآخر كمال فوق كمال.
مثال ذلك: "العزيز الحكيم". فإن الله تعالى يجمع بينهما في القرآن كثيراً. فيكون كل منهما دالاً على الكمال الخاص الذي يقتضيه، وهو العزة في العزيز، والحكم والحكمة في الحكيم، والجمع بينهما دال على كمال آخر وهو أن عزته تعالى مقرونة بالحكمة، فعزته لا تقتضي ظلماً وجوراً وسوء فعل، كما قد يكون من أعزاء المخلوقين، فإن العزيز منهم قد تأخذه العزة بالإثم، فيظلم ويجور ويسيء التصرف. وكذلك حكمه تعالى وحكمته مقرونان بالعز الكامل بخلاف حكم المخلوق وحكمته فإنهما يعتريهما الذل.
فوائد من تعليقات الشيخ عبدالرحمن البراك:
الله تعالى أخبر بأن له الاسماء الحسنى, ((ولله الاسماء الحسنى)) , في مواضع من القرآن,
[في الآية دلالة على أمرين]
ففيها دلالة على
1) ان له أسماء.
2) وأن هذه الأسماء حسنى.
[معنى قوله حسنى]
وحسنى أفعل تفضيل , لأن أهل اللغة يقولون حسنى مؤنث أحسن , فأسماءه حسنى , وهذا أكمل من أن يقال ان أسماءه حسنة , لأن هذا لايعطي معنى حسنى , فحسنى تدل على الحسن وكمال الحسن, فأسماءه أحسن الاسماء , فلا بد أن يكون حسنها هو الغاية التي ليس فوقها غاية.
[في الآية رد على طائفتين]
وفي هذه الآية رد على:
1) الجهمية نفاة الأسماء مطلقا.
2) وعلى المعتزلة نفاة المعاني الذين ينفون معاني الصفات, لأنها إذا كانت لاتدل على صفات لم تكن حسنى , أفتكون حسنى لألفاظها فقط.
فعند الجهمية هذه الاسماء التي في القرآن وفي السنة ليست أسماء لله, و إضافتها إليه مجاز , والا هي اسماء لبعض المخلوقات.
وعند المعتزلة يقولون هي اسماء لله, لكن لاتدل على معاني, فعلى مذهبهم لافرق بين عزيز وحكيم ورحيم وقدير , كلها تدل على الذات, ولاتدل على إثبات صفات, ولهذا يقال أنها على مذهبهم أعلام محضة, بمعنى خالصة,
فإن الاسم:
1) تارة يكون علما محضا,
2) وتارة يكون صفة,
3) وتارة يكون علما وصفة ,
[مثال القسم الأول وهو العلم المحض]
فالانسان الذي اسمه صالح وليس فيه من الصلاح شيء , فصالح بالنسبة له علم محض,
[مثال القسم الثاني وهو ان يكون صفة]
والرجل الذي اسمه محمد وهو رجل صالح, نقول محمد صالح , فصالح صفة وليس بعلم ,
[مثال القسم الثالث وهو أن يكون علما وصفة]
¥