2/ وأما معناه فإما أن يراد به:
أ/ جهة سفل
ب/ أو جهة علو تحيط بالله
ج/ أو جهة علو لا تحيط به.
فالأول باطل لمنافاته لعلو الله تعالى الثابت بالكتاب والسنة، والعقل والفطرة، والإجماع.
والثاني باطل أيضاً؛ لأن الله تعالى أعظم من أن يحيط به شيء من مخلوقاته.
والثالث حق؛ لأن الله تعالى العلي فوق خلقه ولا يحيط به شيء من مخلوقاته.
ودليل هذه القاعدة السمع والعقل.
فأما السمع فمنه:
1/ قوله تعالى: (وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)،
2/ وقوله: (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)،
3/ وقوله: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)،
4/ وقوله: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً)،
5/ وقوله: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)،
6/ وقوله: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ).
إلى غير ذلك من النصوص الدالة على وجوب الإيمان بما جاء في القرآن والسنة.
وكل نص يدل على وجوب الإيمان بما جاء في القرآن فهو دال على وجوب الإيمان بما جاء في السنة؛ لأن مما جاء في القرآن الأمر باتباع النبي صلى الله عليه وسلم والرد إليه عند التنازع. والرد إليه يكون إليه نفسه في حياته وإلى سنته بعد وفاته.
فأين الإيمان بالقرآن لمن استكبرعن اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم المأمور به في القرآن؟
وأين الإيمان بالقرآن لمن لم يرد النزاع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد أمر الله به في القرآن؟
وأين الإيمان بالرسول الذي أمر به القرآن لمن لم يقبل ما جاء في سنته؟
ولقد قال الله تعالى: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ). ومن المعلوم أن كثيراً من أمور الشريعة العلمية والعملية جاء بيانها بالسنة، فيكون بيانها بالسنة من تبيان القرآن.
وأما العقل فنقول:
إن تفصيل القول فيما يجب أو يمتنع أو يجوز في حق الله تعالى من أمور الغيب التي لا يمكن إدراكها بالعقل، فوجب الرجوع فيه إلى ما جاء في الكتاب والسنة.
فوائد من تعليقات الشيخ عبدالرحمن البراك حفظه الله:
مضمون هذه القاعدة أن المعوَّل في معرفة الله بأسمائه وصفاته هو الكتاب والسنة كما جاء عن الإمام أحمد (لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله لا يتجاوز القرآن والحديث).
[معنى قولنا أن أسماء الله وصفاته توقيفية]
وكل ما أخبر الله به عن نفسه أو أخبر به عنه رسوله وجب الإيمان به,
فإن الله تعالى أمر بالإيمان به وبرسوله وكتابه (فامنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا) فهذا يتضمن الإيمان بكل ذلك,
وهذا معنى قولنا أن أسماء الله وصفاته توقيفية, يعني إنما يعول فيها على توقيف الشرع, ونص الشرع, ودلالة الشرع,
[الله موصوف بإثبات صفات الكمال وموصوف بنفي النقائص]
وصفاته تعالى صفات ثبوتية أو صفات سلبية, لكن الصفات السلبية هي صفات النفي, والنفي كما تقدم لا يكون مدحا إلا إذا تضمن إثباتا لكمال, فالله تعالى موصوف بإثبات صفات الكمال كالحياة والسمع والبصر والفعل فهو فعال لما يريد, وموصوف بنفي النقائص,
[النقائص منها ما نص عليه ومنها ما لم ينص عليه]
والنقائص منها ما نُص عليه في الكتاب والسنة كالنوم والسنة والموت واللغوب والأود والغفلة والضلال والنسيان وكما في السنة (إنكم لا تدعون أصم) فيه تنزيه الله تعالى عن الصمم,
ومن النقائص ما لم يصرح بنفيه لكن إثبات أحد الضدين نفي للآخر:
1/ فإثبات العلم يتضمن نفي الجهل وكل ما ينافي العلم,
2/ وإثبات الحياة فيه نفي للموت وكل ما ينافي كمال الحياة,
3/ وإثبات القدرة يتضمن نفي العجز وكل ما ينافي كمال القدرة,
4/ وإثبات القوة يتضمن نفي الضعف وكل ما يستلزم الضعف,
5/ وإثبات السمع يتضمن نفي الصمم عن الله وكل ما ينافي كمال السمع وهكذا,
فالنقائص منها ما هو:
1/ منصوص على نفيه,
2/ ومنها ما يعلم نفيه بإثبات ضده,
¥