تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فإن القرب مقيد فيها بما يدل على ذلك، حيث قال: (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ* إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ* مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ). ففي قوله: (إِذْ يَتَلَقَّى) دليل على أن المراد به قرب الملكين المتلقيين.

وأما الآية الثانية:

1/ فإن القرب فيها مقيد بحال الاحتضار، والذي يحضر الميت عند موته هم الملائكة، لقوله تعالى: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ).

2/ ثم إن في قوله: (وَلَكِنْ لا تُبْصِرُونَ). دليلاً بيناً على أنهم الملائكة، إذ يدل على أن هذا القريب في نفس المكان ولكن لا نبصره، وهذا يعين أن يكون المراد قرب الملائكة لاستحالة ذلك في حق الله – تعالى.

بقى أن يقال: فلماذا أضاف الله القرب إليه، وهل جاء نحو هذا التعبير مراداً به الملائكة؟

فوائد من تعليقات الشيخ البراك حفظه الله:

حيث قال (ونحن) , أضاف القرب إليه قال (ونحن أقرب) فالقريب من المحتضر هم الملائكة, ومع ذلك قال سبحانه (ونحن) , فأضاف القرب إليه.

قال الشيخ بن عثيمين رحمه الله:

فالجواب: أضاف الله تعالى قرب الملائكة إليه؛ لأن قربهم بأمره، وهم جنوده ورسله.

وقد جاء نحو هذا التعبير مراداً به الملائكة:

1/ كقوله تعالى: (فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ). فإن المراد به قراءة جبريل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع أن الله تعالى أضاف القراءة إليه، لكن لما كان جبريل يقرؤه على النبي صلى الله عليه وسلم بأمر الله تعالى صحت إضافة القراءة إليه تعالى.

2/ وكذلك جاء في قوله تعالى: (فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ). وإبراهيم إنما كان يجادل الملائكة الذين هم رسل الله تعالى.

فوائد من تعليقات الشيخ البراك حفظه الله:

على كل حال هذا واضح بين, يعني هذه الآيتان مما زعم الغالطون والمغالطون أن تفسير القرب بقرب الملائكة أن هذا تأويل, فهذا من الشبهات التي يحتج بها بعض المعطلة على أهل السنة, وأنكم بهذا قد صرفتم هذه الآيات عن ظاهرها,

[هناك من أجرى الآيتين على ظاهرهما في الجملة وأثبت القرب العام, والتحقيق في ذلك]

والجواب كما ذكر الشيخ, علما أن هناك من أجراهما على ظاهرهما في الجملة وأثبت القرب العام, ولكن التحقيق أن القرب إنما جاء خاصا ولم يأتي عاما, وأما الآيتان فالمراد بالقرب فيهما قرب الملائكة, لِما ذُكِرَ,

[بيان انه سبحانه كثيرا ما يضيف إلى نفسه ما فعله بملائكته]

وكثيرا ما يذكر الله ما يفعله بملائكته, يضيفه إلى نفسه بصيغة الجمع, مثل الآيتين التي ذكر الشيخ (فإذا قرأناه فاتبع قرآنه) فالمراد قراءة جبريل القرآن على النبي عليه الصلاة والسلام وقوله (يجادلنا في قوم لوط) فالملائكة رسل الله والمجادِل للرسول مجادِل لمن أرسله, فالله تعالى يضيف إلى نفسه ما يفعله بملائكته, وشواهد هذا في القرآن كثير,

[هذا الأسلوب معروف في خطاب الناس]

وهو أمر معروف في خطاب الناس بعضهم لبعض, المرسَل يقوم مقام من أرسله, ولهذا يقول مثلا قلنا لك وفعلنا لك وإنما قال أو فعل بواسطة الرسول, يقول القائل كتبت, كتبنا, كتبت إلى فلان كتاب, وقد لا يكون خطه بيده, كتبه الكاتب, بخلاف ما لو قال كتبت بيدي, إذا قال كتبت بيدي تعين أنه كتبه بيده, لكن مجرد أن يقول كتبت أو كتبنا قد يكون بواسطة كاتب,

قال الشيخ بن عثيمين رحمه الله:

المثال التاسع والعاشر:

قوله تعالى عن سفينة نوح: (تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا).

وقوله لموسى: (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي).

والجواب: أن المعنى في هاتين الآيتين على ظاهر الكلام وحقيقته، لكن ما ظاهر الكلام وحقيقته هنا؟

هل يقال:

إن ظاهره وحقيقته أن السفينة تجري في عين الله؛ أو أن موسى عليه الصلاة والسلام يربى فوق عين الله تعالى؟!!

أو يقال:

إن ظاهره أن السفينة تجري وعين الله ترعاها وتكلؤها، وكذلك تربية موسى تكون على عين الله تعالى يرعاه ويكلؤه بها.

ولا ريب أن القول الأول باطل من وجهين:

الأول:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير