تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم قال اسكبي وناولينيه فشرب وقال رواه محمد بن إسحاق عن صالح بن كيسان عن عروة عن عائشة بمعناه. قلت ووصل أبو نعيم رواية بن إسحاق من طريق محمد بن سلمة الحراني عنه وأخرجه بن سعد عن عبد الله بن جعفر عن عبد الرحمن بن حرملة مطولا وأخرجه أحمد من طريق الفضل بن فضالة عن يحيى بن أيوب المصري عن عبد الرحمن بن حرملة بطوله وأخرج النسائي في كتاب الكنى والطبراني وأبو عروبة من طريق عمرو بن قيظي عن سليمان بن محمد وزرعة بن حصين بن سياه عن أم سنبلة حدثتهم أنها أتت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بهدية فأبى أزواجه ان يأخذنها فجاء رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال خذوها فإن أم سنبلة من أهل باديتنا ونحن أهل حاضرتها زاد الطبراني وأعطاها وادي كذا وكذا فاشتراه عبد الله منهم فأعطاهم ذودا قال عمرو بن قيظي فرأيت بعضها وأخرجه بن منده من هذا الوجه مختصرا قالت أتيت النبي، صلى الله عليه وسلم، بهدية لبن فقبلها].

هذا حديث صحيح، لا شك في صحته، تقوم به الحجة اليقينية القاطعة، فيه البرهان على صحة قولنا أن «الأعرابية»، في عرف الشارع الحكيم، تبارك وتعالى، تعني: «عدم حمل التابعية، تابعية دار الإسلام»، لا غير، وليست هي من «البداوة» في صدر ولا ورد، والبداوة أسلوب في العيش مباح، لا بأس به، بل قد يكون لبعض الناس أحسن، ولصحتهم البدنية والنفسية أفضل، والحمد لله رب العالمين.

و «الأعرابية»، بهذا المعنى الذي حدده الشرع حالة مكروهة، والرجوع أو التحول أو الانتقال أو «الارتداد» إلى «الأعرابية» بعد الهجرة، أي بعد حمل تابعية دار الإسلام، أشنع وأقبح، بل هو من الكبائر الشنيعة، كما يظهر من النصوص التالية:

? فقد جاء في «صحيح ابن حبان»: أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن ثابت البناني عن أنس بن مالك: [ان رجلا من أهل البادية يقال له زاهر بن حرام كان يهدي الى النبي صلى الله عليه وسلم الهدية فيجهزه رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد ان يخرج فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ان زاهر بادينا ونحن حاضروه»، قال فاتاه النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبيع متاعه فاحتضنه من خلفه والرجل لا يبصره فقال ارسلني من هذا فالتفت اليه فلما عرف انه النبي صلى الله عليه وسلم جعل يلزق ظهره بصدره فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من يشتري هذا العبد»، فقال زاهر: (تجدني يا رسول الله كاسدا)، قال: «لكنك عند الله لست بكاسد»، أو قال صلى الله عليه وسلم: «بل أنت عند الله غال»]. وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو كما قال في غاية الصحة. وهو في مسند الإمام أحمد بن حنبل: حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن ثابت البناني بنحوه باختصار طفيف. كما أنه في سنن البيهقي الكبرى: أخبرنا أبو الحسين بن بشران العدل ببغداد أنبأ إسماعيل بن محمد الصفار ثنا أحمد بن منصور الرمادي ثنا عبد الرزاق أنبأ معمر عن ثابت به.

قلت: إن اللسان ليعجز عن التعليق على هذه القصة الجميلة، فلعل القارئ الكريم يتذوقها بقلبه، ويتعقلها ببصيرته. وإن بادية يكون سيدي أبو القاسم، عليه وعلى آله صلوات الله وتسليماته وتبريكاته، بأبي هو وأمي، حاضرتها لنعم البادية: أنعم بها وأكرم، ثم أنعم بها وأكرم.

? في «الجامع الصحيح المختصر» للإمام البخاري، وفي «صحيح مسلم»، و «المجتبى من السنن» للنسائي: حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا حاتم عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع أنه دخل على الحجاج فقال: (يا بن الأكوع ارتددت على عقبيك تعربت؟!)، قال: (لا ولكن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أذن لي في البدو)؛ هذا لفظ البخاري، وزاد: [وعن يزيد بن أبي عبيد قال: (لما قتل عثمان بن عفان خرج سلمة بن الأكوع إلى الربذة وتزوج هناك امرأة وولدت له أولادا فلم يزل بها حتى قبل أن يموت بليال نزل المدينة)]. كما أخرجه البيهقي في سننه الكبرى من نفس الطريق، وهذا إسناد في غاية الصحة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير