تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

? جاء في «مسند الإمام أحمد بن حنبل»: [حدثنا عبد الصمد حدثني عبد الله بن حسان يعني المنبري عن القلوص ان شهاب بن مدلج نزل البادية فساب ابنه رجلا فقال: (يا بن الذي تعرب بعد الهجرة!)، فأتى شهاب المدينة فلقى أبا هريرة فسمعه يقول قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «أفضل الناس رجلان رجل غزا في سبيل الله حتى يهبط موضعا يسوء العد، و ورجل بناحية البادية يقيم الصلوات الخمس ويؤدي حق ماله ويعبد ربه حتى يأتيه اليقين»، فجثا على ركبتيه قال أنت سمعته من رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يا أبا هريرة؟)، يقول له، قال: نعم! فأتى باديته فأقام بها].

? وفي «مسند الإمام أحمد بن حنبل»: [حدثنا بن أبي عدى عن شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن الحرث عن أبي كثير عن عبد الله بن عمرو بن العاصي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الظلم ظلمات يوم القيامة وإياكم والفحش فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش وإياكم والشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم أمرهم بالقطيعة فقطعوا وأمرهم بالبخل فبخلوا وأمرهم بالفجور ففجروا»، قال فقام رجل فقال: (يا رسول الله: أي الإسلام أفضل؟!)، قال: «ان يسلم المسلمون من لسانك ويدك»، فقام ذاك أو آخر فقال: (يا رسول الله: أي الهجرة أفضل؟!)، قال: «ان تهجر ما كره ربك؛ والهجرة هجرتان هجرة الحاضر والبادي فهجرة البادي أن يجيب إذا دعي ويطيع إذا أمر والحاضر أعظمهما بلية وأفضلهما أجرا» وأخرجه أحمد بنحوه فقال: [حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة به]، قلت: هذه أسانيد صحاح كلها؛ وهو في «صحيح ابن حبان»، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: (إسناده صحيح)؛ وهو في «مسند الشهاب» من عدة طرق؛ وهو في «المستدرك على الصحيحين» من طرق؛ وهو في «السنن الكبرى» للإمام النسائي؛ وهو عند الدارمي مختصراً.

ــ وهو في «سنن البيهقي الكبرى» بأتم من ذلك: [أخبرنا أبو بكر بن فورك أنبأ عبد الله بن جعفر ثنا يونس بن حبيب ثنا أبو داود ثنا شعبة والمسعودي عن عمرو بن مرة قال سمعت عبد الله بن الحارث يحدث عن أبي كثير الزبيدي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إياكم والظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة؛ وإياكم والفحش فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش؛ وإياكم والشح فإنه أهلك من كان قبلكم أمرهم بالقطيعة فقطعوا وأمرهم بالبخل فبخلوا وأمرهم بالفجور ففجروا»، فقام رجل فقال: (يا رسول الله: أي الإسلام أفضل)، قال شعبة في حديثه: «من سلم المسلمون من لسانه ويده»، وقال المسعودي: «أن يسلم المسلمون من لسانه ويده»، فقام ذلك أو غيره فقال: (يا رسول الله: أي الهجرة أفضل؟!)، قال: «أن تهجر ما كره ربك»، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الهجرة هجرتان: هجرة الحاضر وهجرة البادي فأما البادي فيجيب إذا دعي ويطيع إذا أمر وأما الحاضر فهو أعظمهما بلية وأفضلهما أجرا»، وقال المسعودي: وناداه رجل فقال: (يا رسول الله: أي الشهداء أفضل؟!)، قال: «أن يعقر جوادك ويهراق دمك»]. قلت: (أبو دلود المذكور في الإسناد هو الطيالسي، لأن هذا الحديث بعينه في «مسند أبي داود الطيالسي»؛ وهو بنحوه في «مسند الحارث» مطولاً ومختصراً، وهو حديث صحيح كسابقه.

مما سبق يتضح جلياً أن «الهجرة» هي:

أولا: ليست انتقال من مكان إلى مكان، وإن كان ذلك هو الأغلب الأكثر عند بدايتها والدخول فيها، وليست هي سكنى مكان معين دون مكان، ولا هي «التحضر»، أي سكنى الحواضر، وهي المدن والقرى، دون «البداوة»، التي هي معيشة الرحل الذين يتبعون المطر والكلأ، وإنما هي: «الولاء لله ولرسوله وللمسلمين، ومحبتهم ونصرتهم، وإجابة دعوتهم، ونصرتهم إذا استنصروا»، أي أنها اعتقاد وإيمان وأحوال قلبية يدور حول «الانتماء»، و «النصرة»، و «الولاء»، ويتناقض مع «البراء» و «الخذلان»، و «المعاداة»، تصدقها أفعال ظاهرة؛

ثم هي في المقام الثاني: حالة «قانونية»، أو بلفظ أدق «دستورية» تعني: «حمل تابعية دار الإسلام»، بما يترتب على ذلك من الالتزامات، ويتحصل به من الحقوق. فإذا هاجر الإنسان، أي حمل التابعية، تابعية دار الإسلام، لزمت في عنقه لزوماً لا فكاك منه، فلا يجوز له أن ينخلع منها، وليس لأحد أن يأذن له بالخروج منها، ليست هذه لرسول الله، عليه وعلى آله صلوات وتسليمات وتبريكات من الله، ولا لمن دونه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير