تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فهبتهم من أكبر النعم، وكونهم على الكبر في حال الإياس من الأولاد نعمة أخرى، وكونهم أنبياء صالحين أجل وأفضل، {إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ} أي: لقريب الإجابة ممن دعاه وقد دعوته فلم يخيب رجائي، ثم دعا لنفسه ولذريته، فقال: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ * رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} فاستجاب الله له في ذلك كله إلا أن دعاءه لأبيه إنما كان عن موعدة وعده إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه

تفسير السعدي

ـ[أحمد يس]ــــــــ[10 - 06 - 07, 03:46 م]ـ

انقل لك هذا الكلام وهو لأحد الإخوة في بعض الملتقيات وهو في نفس الوقت عرض لجميع الأخوة هنا للتقييم:

1 - كان إبراهيم -عليه السلام- يستغفر لأبيه عن شركه ويدل على هذا كلام بعض المحققين يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-:

((أمر الله تعالى المؤمنين بأن يتأسوا بإبراهيم ومن اتبعه إلا في قول إبراهيم لأبيه {لأستغفرن لك} فإن الله لا يغفر أن يشرك به)) انتهى.

ومن المعروف أن السنة تقيد مطلق القرآن وهذه من وظائفها.

آية النهي عن الاقتداء بأبي الأنبياء إبراهيم -عليه السلام- في الاستغفار لأبيه جاءت في سورة الممتحنة ومن المعروف أنها نزلت قبل فتح مكة في حادثة سيدنا حاطب بن أبي بلتعة الشهيرة وكان هذا النهي مطلقاً.

ثم حدث الفتح ووجدنا استغفار النبي -صلى الله عليه وسلم- لقومه بهذه الصيغة "لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم"

فإن دل هذا على شيء فإنما يدل على أن النهي عن الاستغفار مقيد بشيء ما وإلا ما فعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهذا يرجح ما قاله كثير من العلماء أن استغفار إبراهيم لأبيه كان استغفاراً عن الشرك وهذا ما أشار إليه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- وقد مر نص كلامه.

فلهذا نكرر أنه لا استغفار لكافر ميت.

ولا استغفار لكافر حي على كفره أو شركه بل الاستغفار يكون عن أشياء دنيوية أو هو دعاء بالإسلام الذي يصح معه الغفران.

2 - وهناك وجه آخر لتوجيه آية استثناء الاقتداء الواردة في سورة الممتحنة وهو أن إبراهيم -عليه السلام- استغفر لأبيه بعد موته وقد فصل هذا تفصيلاً حسناً أحد الإخوة في ملتقى أهل التفسير هنا:

http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?p=28088

وخلاصته: أن إبراهيم ظل يستغفر لأبيه حتى بعد اعتزاله له والدليل على هذا قوله في سورة إبراهيم: "رب اغفر لي ولوالدي ...... الآية" وهذه الآية جاءت في سياق يدل أنه قالها بعد ترك قومه بمدة طويلة وإنجابه لإسماعيل وإسحاق وبناء الكعبة وهذا حدث في نهاية عمره - عليه السلام-.

ويدل على هذا أن الله وهب له ذريته بعد اعتزاله لقومه: "فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة ..... الآية"

ويدل على هذا أيضاً أنه -عليه السلام- سوف يطلب الشفاعة لأبيه يوم القيامة ولكنه لن يمكن كما جاء في الحديث الذي أخرجه البخاري وتجده في الرابط.

ويدل على هذا أسباب نزول الآيات فقد نزلت بسبب استغفار بعض المسلمين لآبائهم الذين ماتوا على الكفر محتجين باستغفار إبراهيم لأبيه.

وعلى هذا يكون المقصود بقوله تعالى: "فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه" يكون المقصود بالتبين يوم القيامة وهو الوجه الآخر لتفسير الآية عند الطبري وغيره.

وهذا الرأي هو الجامع لتفاسير العلماء التي تبدو للبعض أنها متناقضة -وليست كذلك- فبينما يجيزون الاستغفار للكافر الحي في مكان يمنعون الاستغفار للكفار في مكان آخر فينبغي حمل كلامهم على أن المقصود بالنهي النهي عن الاستغفار للكافر الميت.

3 - وهناك توجيه آخر للآية وهو أن المستثنى هو الوعد بالاستغفار وليس الاستغفار ذاته فالآية نصها (إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك) ولم يقل (إلا استغفار إبراهيم لأبيه) (وقال بهذا بعض المفسرين) ولكنه متعقب.

4 - وهناك توجيه آخر للآية لم اقتنع به -وقال به بعض المفسرين- وهو أن التأسي بالأنبياء واجب والاستثناء في الآية يدل على سقوط الوجوب ولكنه لا يفيد الحرمة بل ربما أفاد الجواز (قال به أبو السعود والألوسي وحقي وغيرهم).

وهناك توجيهات أخرى متعقبة لم أرد سردها.

منقول.

ـ[أبو البراء الجعلي]ــــــــ[12 - 06 - 07, 04:25 م]ـ

وبهذا يتبين أَنَّ إبراهيم الخليل عليه السلام لم يتبرأ من أبيه في حياته، بل لم يزل مستغفراً له حتى مات، ولم يزل مستغفراً له حتى بعد الممات، وأنه لن ينكشف له أنه عدو لله إلا في الآخرة حينما يلقاه فيطلب له الشفاعة فيُعْلِمُه الله تعالى بأنَّ الجنة حرام على الكافرين، ويمسخ أباه ذيخاً؛ فيعلم حينئذ أنه عدو لله ويتبرأ منه. هذا محال .. محال .. محال .. أيها الإخوان .. كيف لن ينكشف له أنه عدو لله إلا في الآخرة .. والله تعالى يقول: " فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه " .. هذا أمر حدث وانقضى ..

ثم إن الموعدة التي وعدها إبراهيم عليه السلام لأبيه " لأستغفرن لك " هي قوله " واغفر لأبي إنه كان من الضالين " كما ذكرت في الموضوع أعلاه ..

أما الدعاء الذي في سورة إبراهيم فظاهر جداً أنه كان في آخر عمره كما ذكر الأخ ومن المحال أن يستغفر إبراهيم عليه السلام لأبيه بعد أن هلك وتبين له أنه عدو لله .. كيف والبراءة من المشركين والنهي عن الاستغفار لهم هي ملة إبراهيم التي دعا الله نبيه عليه الصلاة والسلام لاتباعها .. " واتبع ملة إبراهيم حنيفاً " ... " ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه " ... فكيف يحرم الله الاستغفار علينا ويبيحه لنبيه إبراهيم .. ما ذكرته أخي الفاضل غير ممكن أبدا لا شرعا ولا عقلا ..

على كل حال أقول: ليس لهذه الآية تأويل إلا أن يكون قد قصد بوالديه آدم وحواء عليهما السلام .. فهل ذكر ذلك أحد أهل التفسير؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير