تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الخوف من الموت: خيرُه وشرُّه، وهل يُدعى بطول العمر؟

ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[21 - 06 - 07, 04:44 م]ـ

الخوف من الموت: خيرُه وشرُّه، وهل يُدعى بطول العمر؟

سؤال:

لدي بعض الأسئلة أرجو الإجابة عليها:

1. لقد مررت بفترة عصيبة فلم أعد أفكر سوى بالموت في كل تصرفاتي، فلم أعد أستطيع النوم بسبب هذه الوساوس، وأصبحت أفكر في كل من مات، وكيف مات، وأصبحت صور الموتى ممن أعرفهم تراودني بين لحظة ولحظة، فلم أعد أحتمل هذه الحالة، فأصبحت أخاف من كل شيء، لم يعد للحياة طعم، فهل هذا إنذار باقتراب الأجل، وأني سأموت في فترة قريبة؟ أرجوكم أفيدوني، في الواقع هذه الحالة انتابتني بعد ذنب ارتكبته، فهل لهذا الذنب علاقة؟.

2. أحد أقاربي أخبرني بأنه رآني في المنام أني ميت، وسأل أحد شيوخ البلدة وقال: إنه يدل على طول العمر، فهل هذا صحيح أم أنه غير ذلك؟.

3. هل الدعاء بطول العمر مستجاب أم إنه قد كتبت الأعمار وانتهى الأمر؟ وما الذي يبارك في العمر من أعمال؟. وجزاكم الله خيراً. نرجو الإجابة على الأسئلة بأسرع وقت؛ لأنني بحاجه إليها.

الجواب:

الحمد لله

أخي الفاضل

أولاً:

أرجو منك أن تعي ما أكتبه لك، وأن تعمل به، فلعل ما أصابك أن يكون خيراً لك:

1. كلُّ نفس ذائقة الموت:

وهذه حقيقة يجب أن تعلمها، فليس أحدٌ بناجٍ من الموت، طال عمره أو قصر، صحيحاً كان أو مريضاً، غنيّاً كان أو فقيراً.

قال تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) آل عمران/ 185، وقال سبحانه: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) العنكبوت/ 57.

وقال عز وجل: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) الأنبياء/ 35.

ولو كانت الدنيا تدوم لأحدٍ: لأدامها الله لأنبيائه وأوليائه وأصفيائه، فأين هم الأنبياء والرسل؟ وأين هم الصدِّيقون والشهداء؟ وأين هم الصحابة والتابعون؟ كلهم ذاقوا الموت – إلا عيسى عليه السلام وسيذوقه في آخر المطاف -.

قال تعالى: (وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ) الأنبياء/ 34.

وقال تعالى: (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) الزمر/ 30.

2. لا مهرب من الموت:

ومهما بذل الإنسان من أسباب الصحة والنشاط فهو ميت، وأينما كان فإن الموت يدركه، وحيثما فرَّ من الموت فإنه سيجده مقابل وجهه.

قال تعالى: (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ) الجمعة/ 8.

وقال تعالى: (أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ) النساء/ 78.

قال ابن كثير- رحمه الله -:

أي: أينما كنتم يدرككم الموت، فكونوا في طاعة الله، وحيث أمركم الله فهو خير لكم، فإن الموت لا بد منه، ولا محيد عنه، ثم إلى الله المرجع، فمن كان مطيعا له جازاه أفضل الجزاء، ووافاه أتم الثواب.

" تفسير ابن كثير " (6/ 291).

وقال- رحمه الله –:

أنتم صائرون إلى الموت لا محالة، ولا ينجو منه أحد منكم، كما قال تعالى: (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ. وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وِالإكْرَامِ).

" تفسير ابن كثير " (2/ 360).

وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – في تفسير قوله تعالى (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ) ق/ 19 - :

وقوله (بِالْحَقِّ): أي: أن الموت حق، كما جاء في الحديث: " الموت حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ " – متفق عليه -، فهي تأتي بالحق، وتأتي أيضاً بحق اليقين، فإن الإنسان عند الموت يشاهد ما تُوُعِّد به، وما وُعِدَ به؛ لأنه إن كان مؤمناً: بُشِّر بالجنة، وإن كان كافراً: بُشِّر بالنار- أعاذنا الله منها -.

(ذَلِكَ) أي: الموت.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير