أجباراً في الجاهلية خوّاراً في الإسلام؟!
ـ[المقرئ]ــــــــ[19 - 06 - 07, 01:11 ص]ـ
أجباراً في الجاهلية خوّاراً في الإسلام؟
ما أجمل ما قال حسان رضي الله عنه حينما سئل: هل قلت في أبي بكر شيئاً؟ فقال: نعم فقال: قل وأنا أسمع: فقال:
وثاني اثنين في الغار المنيف وقد *****طاف العدو به إذ صعّد الجبلا
وكان حب رسول الله قد علموا ***** من البرية لم يعدل به رجلا
فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، ثم قال: صدقت يا حسان هو كما قلت
حينما تسمع اسم العتيق، أبي بكر الصديق، تتجلى لك المكارم والطهر بأسمى معانيها، فله في كل كنانة سهم، ويده بالجود لها شغل، إلا أنه ينطبع على عقلك مباشرة صورة الأسيف، قلب رقيق، وكنف كريم، تبتعد عند ذكره = معاني الغلظة والشدة، هكذا يلوح لك دون مواطأة ولا ترتيب، من منا لا يعرف أبا بكر الصديق رضي الله عنه إلا بما ذكرت؟!
إن أبا بكر -يا إخوة – على علو هذه المعاني على رسمه واسمه = وانصباغها بشخصيته، إلا أن له وقفات وعزمات سبق بها صلب الرجال، ومحنكي الأحلام، كيف استطاع هذا القلب الذي يتدفق حناناً بأن يقف وبكل قوة في حرب مع مانعي الزكاة؟ مع مراجعة عمر بن الخطاب وغيره رضي الله عن الجميع، كيف امتلك هذه العزمة والجزمة وهو بهذه الصفات؟!! وعمر يراجعه ويقول له " أتقتل من يشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله والرسول صلى الله عليه وسلم يقول " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله " فلا يزيده ذلك إلا صلابةً وثباتاً
أهو من ثبت بعد موت أحب الناس إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم!، والأشداء عجزوا أن يتماسكوا! واختلف الناس في المدينة حتى جاء وقال بقلب ثابت، وعلم راسخ، وعزم شديد: [وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ] {آل عمران:144} من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، هذا هو أبو بكر الصديق -يا إخوة- هل تنافرت القوة في الحق والرحمة على الخلق؟ كلا، هل تضارب إعلان السنة والثبات عليه مع اللين والتسامح ولين الكنف؟ كلا
هناك خلط عائمٌ وعارمٌ بين حب ونصرة الحق = وبين دعوة الخلق
كم تسمع أذني ممن هم في حقل الدعوة ولهم جهودٌ عظيمةٌ -علّ الله يربيها لهم -كم أسمعهم يتماوتون في نصرة الحق بسبب داعي الرحمة ونقل الصورة المشرقة عن الخير وأهله
ذكّرني أبو بكر الصديق هذه الظاهرة حينما نظرته يقول لعمر -ومَن عمر هو الفاروق - عندما جاءه عمر في قضية حدثت: وقال له عمر: يا خليفة رسول الله تألّف الناس، فأخذ أبو بكر الصديق بلحية عمر وقال: يا بن الخطاب أجباراً في الجاهلية خواراً في الاسلام؟! علام أتألفهم أعلى حديث مفترى أم على شعر مفتعل؟!
ما أشد وقعها على النفس، وما أحوجنا في زمننا في ظروفنا إلى موعظة أبي بكر
أين بني قومي من هذا، تريدون أن نتحدث عن المجاملات في دين الله، فلقد خيّم علينا دخان التأويل وحرث المعاذير لأنفسنا وغيرنا
قالوا لي موسى عليه السلام قال له ربه بأن يذهب لمدعي الربوبية ويقول له (فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى) فقلت مابالك لم تتفطن للسورة التي قبلها حين قال له لما عاند (وإني لأظنك يا فرعون مثبورا) ألست تتكلم عن موسى نبي الله؟ إذا أين أنت من فعله لما جذب أخاه برأسه يجره إليه لما فعل قومه ما فعلوا من عبادة العجل
أعلم أن (ممن) سيقرأ: طائفتان:
طائفة تقرأ وقد قفزت على فلان وفلان وأنزلته في ثنايا الحروف وكأنها سياط ورصاص قصد كاتبها أن ينزلها على ذلك الرجل
وآخر يقرأ المقال وهو يقول: ماذا كتبت وأين الحكمة في اختيار المكان والزمان؟
وقبل أن أدع القارئ يخرج من مقالي بدون أن أرشده بنفسي إلى قصدي، وأدلّه دون غيري على تأويل كلامي أقول:
رسالتي إلى من جعل الحق أعظم من كل شيء
فالحق يمنع الظلم والبغي فلا تظلم ولا تبغ، الحق يدعو أن لا تُخلي المخالف من رحمة ونصيحة صادقة، الحق يدعو أن تفرق بين نصرة نفسك وشهوتك وهواك وبين نصرة الدين، الحق أن توازن فلا تجاوز القصد ولا تنزل عنه على قاعدة ربانية (فلا يسرف في القتل)، الحق أن تعتدل في التعامل مع الباطل والمخطئين على قدره عند الله لا على ميل نفسك وهواك وسياسة الأتباع،
إذاً الحق: حَقل جميلٌ مزهرٌ مورقٌ بين تصحّر الغلاة = وذوبان الجفاة فأين أنت؟
قد يكون التوقف هنا مناسبا ولا يحتمل الزيادة
وأعتذر عن الطول
ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[19 - 06 - 07, 01:22 ص]ـ
ما أجمل هذه المعاني شيخنا المفضال ..
جزاك الله خيرا .......
¥