[شبهة وجوابها عن حفظ القرآن]
ـ[زياد عوض]ــــــــ[11 - 06 - 07, 04:29 م]ـ
[شبهة وجوابها عن حفظ القرآن]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسعفنا بالرد يا شيخنا:
يقول المنصَّر:
روى ابن ماجة في سننه عن عائشة:
كان القرطاس المكتوبة فيه آيتي الرجم ورضاعة الكبير تحت سريري , فبينما أنا منشغلة بموت رسول الله دخل داجن فأكلها!
وهو يقول: والحديث صحيح
ثم يعقب قائلاً:
إذا كان القرآن كلام الله فلماذا لم يحفظ هاتين الآيتين من الضياع في جوف البهيمة؟!
أجيبوه بارك الله فيكم
الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وبارك الله فيك.
أولاً: لِيُعلَم أن العرب لم تكن تعتمد على الكتابة كَما تعتمد على الحفظ.
فلو قُدِّر أن شيئا ضاع مِن قرطاس أو كان مكتوبا فضاع، فإن من يحفظ ذلك أكثر ممن يَكتُبه.
ولذلك كان مِن مصادر جمع القرآن والسُّنَّة: صُدور الرِّجَال، أي: ما كان محفوظا في القلوب.
وهذا أحد أسباب ووسائل حفظ القرآن.
ولذلك كان جبريل عليه الصلاة والسلام يُدارس النبي صلى الله عليه وسلم القرآن، وهو بِمَنْزِلة المراجعة.
فهل يُتصوّر أن يضيع شيئا من القرآن الذي تُعبِّد الناس به في جوف بهيمة ثم لا يكون هناك من يحفظه من أمة زادت على مائة ألف في زمن نُزول الوحي؟!
كما أن جمع القرآن كان أول مرة في خلافة أبي بكر لما استحرّ القَتْل بالقُرّاء فخشي من ذهاب الْحَفَظَة، وتقادم الزمان، فتمّ جمع القرآن في زمن قريب من زمن النبوة.
ثانيا: ما يتعلّق بآيتي الرَّجم وآية الرضاع هي مما نُسِخت تلاوته وبَقِي حُكْمه.
وهو معنى قول عائشة رضي الله عنها: كان فيما أُنْزِل مِن القرآن عَشْر رَضَعَات مَعلومات يُحَرِّمن ثم نُسِخْن بِخَمْس مَعلومات، فتوفِّي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهُنَّ فيما يُقرأ مِن القُرآن. رواه مسلم.
قال الإمام النووي: ومعناه أن النسخ بخمس رضعات تأخر إنزاله جِدًّا حتى أنه صلى الله عليه وسلم تُوفِّي وبعض الناس يَقرأ خمس رضعات ويجعلها قرآنا مَتْلُوًّا، لكونه لم يبلغه النسخ لِقرب عهده، فلما بلغهم النسخ بعد ذلك رَجَعوا عن ذلك، وأجمعوا على أن هذا لا يُتْلَى.
والنسخ ثلاثة أنواع:
أحدها: ما نُسِخ حُكْمه وتلاوته، كعشر رضعات.
والثاني: ما نُسِخَتْ تلاوته دون حكمة كخمس رضعات، وكالشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما.
والثالث: ما نُسِخ حُكْمه وبَقِيت تلاوته، وهذا هو الأكثر. اهـ.
ورَجْم الزاني المحصَن مما جاءت به الشرائع، فقد جاء في التوراة، وجاءت به شريعة محمد صلى الله عليه وسلم.
قال عمر: لقد خشيت أن يطول بالناس زمان حتى يقول قائل لا نَجِد الرّجم في كتاب الله، فيَضِلّوا بترك فريضة أنزلها الله، ألا وإن الرجم حقّ على مَن زنى وقد أُحْصن إذا قامت البينة أو كان الحمل أو الاعتراف. قال سفيان: كذا حفظت ألا وقد رَجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده. رواه البخاري.
وفي رواية له: إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق وأنْزَل عليه الكتاب، فكان مما أَنزل الله آية الرجم، فقرأناها وعقلناها ووعيناها، رَجَم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورَجَمْنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: والله ما نَجِد آية الرجم في كتاب الله، فيَضِلّوا بِتَرْك فَرِيضة أنزلها الله.
ثالثا: يُمكن الرد على النصراني من خلال الحديث نفسه الذي تقول فيه عائشة رضي الله عنها: نَزَلت آية الرجم ورضاعة الكبير عشرا، ولقد كان في صحيفة تحت سريري.
وذلك أن الرجم حقّ وثابت، ولو كان ضاع لَم يكن له أثر، ولم يُقَم حدّ الرجم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد مرّ بك قول عمر رضي الله عنه: رَجَم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورَجَمْنا بعده.
رابعا: قد تكفّل الله بِحفظ كتابه فقال تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ).
وشواهد ذلك كثيرة جدا ..
فكل محاولة لتحريف النص أو تغيير المعنى تبوء بالفشل، ويهتك الله ستر أصحابها.
وها هي التوراة والأناجيل بأيدي النصارى تختلف طبعاتها من دولة إلى دولة، ومن جيل إلى جيل!
بينما لا تختلف المصاحف التي كُتِبت في زمن الصحابة قبل ألف وأربعمائة سنة، عما كُتِب في زماننا هذا.
¥