تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[إن الدين يسر]

ـ[أبو حازم الكاتب]ــــــــ[24 - 06 - 07, 06:37 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

رأيت في دفتر أحد أبناء طالب علم رسم غلاف كتاب رسمه الطفل وكأنه يؤلف كتاباً وكتب عليه اسم الكتاب واسمه هو كمؤلف للكتاب.

اسم الكتاب: لا يجوز أبداً

فتدبرت الحال وإذا بالأخ طالب العلم (الأب) فيه شدة وما خير بين الفتاوى إلا اختار أشدها، وجانب التحريم هو المرجح عنده دوماً على الكراهة والإباحة، وجانب الوجوب مرجح دوماً على الندب، والاحتياط واجب الاتباع في جميع الأحوال فيبدو أن هذه الصبغة انطبعت على الطفل فأصبح أشد من أبيه وحرم كل شيء بلفظ التأبيد.

وتذكرت حديث عائشة رضي الله عنها في الصحيحين قالت: ما خير النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يأثم فإذا كان الإثم كان أبعدهما منه والله ما انتقم لنفسه في شيء يؤتى إليه قط حتى تنتهك حرمات الله فينتقم لله "

وحديث أبي هريرة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: " إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة " رواه البخاري

ورأيت ان المرء يبتلى بالتشديد للجهل بأحكام الشرع فيزداد شدة وضيق وحرج عقوبة له قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (والتشديد تارة يكون باتخاذ ما ليس بواجب ولا مستحب بمنزلة الواجب والمستحب في العبادات وتارة باتخاذ ما ليس بمحرم ولا مكروه بمنزلة المحرم والمكروه في الطيبات وعلل ذلك بأن الذين شددوا على أنفسهم من النصارى شدد الله عليهم لذلك حتى آل الأمر إلى ما هم عليه من الرهبانية المبتدعة.

وفي هذا تنبيه على كراهة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لمثل ما عليه النصارى من الرهبانية المبتدعة وإن كان كثير من عبادنا قد وقعوا في بعض ذلك متأولين معذورين أو غير متأولين ولا معذورين.

وفيه أيضا تنبيه على أن التشديد على النفس ابتداء يكون سببا لتشديد آخر يفعله الله إما بالشرع وإما بالقدر.

فأما بالشرع فمثل ما كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخافه في زمانه من زيادة إيجاب أو تحريم كنحو ما خافه لما اجتمعوا لصلاة التراويح معه ولما كانوا يسألون عن أشياء لم تحرم ومثل أن من نذر شيئا من الطاعات وجب عليه فعله وهو منهي عن نفس عقد النذر وكذلك الكفارات الواجبة بأسباب

وأما القدر فكثيرا ما قد رأينا وسمعنا من كان يتنطع في أشياء فيبتلى أيضا بأسباب تشدد الأمور عليه في الإيجاب والتحريم مثل كثير من الموسوسين ومضرة.

وهذا المعنى الذي دل عليه الحديث موافق لما قدمناه في قوله تعالى ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم من أن ذلك يقتضي كراهة موافقتهم في الآصار والأغلال.

والآصار ترجع إلا الإيجابات الشديدة والأغلال هي التحريمات الشديدة فان الإصر هو الثقل والشدة وهذا شأن ما وجب والغل يمنع المغلول من الانطلاق وهذا شأن المحظور وعلى هذا دل قوله سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين} وسبب نزولها مشهور .. ) اقتضاء الصراط المستقيم (ص 103)

التشديد في الشريعة ليس من مقاصدها ويدل على هذا أمور:

الأمر الأول: تواتر النصوص في القرآن والسنة في بيان رفع الحرج والمشقة والضيق عن المسلمين.

الأمر الثاني: القواعد الفقهية الكلية المتفق عليها بين أهل العلم كالمشقة تجلب التيسير ورفع الحرج وما يندرج تحت هذه القواعد من عشرات القواعد الصغرى التي تحمل هذا المعنى.

الأمر الثالث: أن الله ميز هذه الأمة عن سائر الأمم بأن رفع الآصار والأغلال عنهم تفضلا منه وكرماً.

الأمر الرابع: وجود الرخص الكثيرة في أحكام الشريعة.

ولذلك يتعجب المسلم حينما يرى كثيراً من المسلمين الذين شددوا على أنفسهم في جانب العبادات او الاعتقادات فشدد الله عليهم فتجدهم حينها يسلكون مسالك:

المسلك الأول: مسلك الحيل.

المسلك الثاني: مسلك الحور بعد الكور.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير