تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

13. القصر عند الحنفية واجب وليس بفرض, مع أن الحديث جاء بلفظ الفرض, والسبب أن لهم اصطلاحاً خاصاً للتفريق بين الفرض والواجب, وهو أن الفرض ما ثبت بدليل قطعي والواجب ما ثبت بدليل ظني, فالآية المقررة لمشروعية القصر قطعية الثبوت لكن دلالتها على الإلزام ظنية عندهم, والحديث من الأصل ظني الثبوت والدلالة. وزكاة الفطر عندهم واجبة وليست بفرض مع أن الصحابي قال في الحديث (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم).

14. الاصطلاحات العلمية ينبغي أن تكون موافقة للألفاظ الشرعية: يقول النبي عليه الصلاة والسلام (غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم) ويقول جماهير العلماء إنه ليس بواجب, هل هذه محادة للنص من هؤلاء الأئمة؟ الجواب: هذا اختلاف في الحقائق, اختلاف بين حقيقة شرعية وحقيقة عرفية - أي عرف خاص عند أهل العلم – فليس في ذلك محادة للنص, لأن حقيقة الواجب في لسان الشارع تختلف عن حقيقة الواجب في الاصطلاح.

15. مثالٌ آخر: لو قال شخص (أنا لم أرَ في حياتي جملاً أصفر) مع أن الله تعالى قال (كأنها جِمَالتٌ صفر) فهل في هذا معاندة ومصادمة للنص؟ الجواب: هذا القائل نظر إلى الإبل من ناحية الحقيقة العرفية, فليس هناك جمل باللون الأصفر المعروف, ولو أتيت إلى أعرابي وقلت (جملك هذا لونه بيج) لحكم عليك بالسفه لأن الحقيقة العرفية عنده تختلف عن الحقيقة العرفية عندك.

16. مثالٌ آخر: تعريف العزيز عند أهل العلم ما يتفرد بروايته اثنان ولو في طبقة من طبقات الإسناد, والله جل وعلا يقول (فعززنا بثالث) فلم لا يكون العزيز مروي ثلاثة؟ ..

17. نظراً لاختلاف هذه الحقائق يسهل الأمر ولا يكون هناك مصادمة ومعاندة, لأنه مع انفكاك الجهة يهون الأمر, لأن كل شخص ينظر إلى الشيء من زاوية معينة, بخلاف ما إذا اتحدت الجهة, فإنه حينئذٍ لا مندوحة من لزوم الألفاظ الشرعية.

18. كلما قربت الاصطلاحات العلمية من الألفاظ الشرعية فهو الأولى, لكن إذا نظرنا في اصطلاحات أهل العلم وجدنا شيئاً من هذه الفوارق, ومردها اختلاف الحقائق العرفية مع الحقائق الشرعية, وبينا أنه قد يأتي في الشرع للفظ الواحد أكثر من حقيقة شرعية.

19. قولها (أقرت صلاة السفر): أي أقرت صلاة السفر على الفرض الأول على أنها ركعتين, والمراد بذلك ما عدا المغرب.

20. قولها (وأتمت صلاة الحضر): أي أتمت صلاة الحضر أربع ركعات, ما عدا الصبح.

21. زاد أحمد – يعني في حديث عائشة – (إلا المغرب فإنها وتر النهار وإلا الصبح فإنها تطول فيها القراءة): المغرب تؤدى بعد غروب الشمس فهي ليلية, فكيف تكون وتر النهار؟!! وتر صلاة الليل يقع في الليل ووتر صلاة النهار يقع في الليل؟!! الجواب: لوقوعها بعد صلوات النهار كأنها ختمت بها صلاة النهار.

22. نظير ذلك القول بأن رمي جمرة العقبة تحية منى, وجمرة العقبة فيها خلاف هل هي داخل منى أو خارج منى, والذي يقول إنها خارج منى يقول إن رميها تحية منى ولو كانت خارج منى, كالطواف تحية البيت الذي هو الكعبة مع أنه خارج البيت.

23. قولها (وإلا الصبح فإنها تطول فيها القراءة): ولذا عُبِّرَ عنها بالقرآن كما في قوله جل وعلا (وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً) والمقصود بذلك صلاة الصبح, لأن القراءة أطول أجزاء الصلاة, فعُبِّرَ بالجزء الأعظم عن الكل, وشأن صلاة الصبح وكونها مشهودة أمرٌ لا يخفى جاءت به النصوص, وجاء التشديد فيها وأن من صلاها في جماعة كان في ذمة الله حتى يمسي وأنها أثقل الصلوات على المنافقين, ومن أراد بيان هذا الأمر فليرجع إلى طريق الهجرتين لابن القيم, فإنه لما شرح حال المقربين ذكر أنهم يتقدمون إلى صلاة الصبح ويحرصون على أن يكونوا قرب الإمام ليقبلوا على صلاتهم ويسمعوا قراءة إمامهم, وبَيَّن أن لها شأناً عظيماً.

24. صلاة الصبح لم تزد عن ركعتين لأنها تُطَوَّلُ فيها القراءة, فطول القراءة فيها عِوَضٌ عن جعلها أربع ركعات.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير