تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الأول: أن يكون المسعى الجديد في اتجاه واحد من الصفا إلى المروة والقديم في اتجاه واحد أيضاً من المروة إلى الصفا –وهذا هو ما صُمم له حسب اطلاعي على المخططات- وهنا لا بد أن يكون للعلماء المانعين وقفة مع الحدث وفتوى تتناسب مع هذه النازلة ومع الوضع القائم.

الثاني: أن يكون كلٌّ من المسعيين القديم والجديد باتجاهين، فيكون السعي في مبنى المسعى الجديد من باب الاختيار لا الإجبار، وهنا سيقلد الساعون من يثقون في فتواه وسيتبع بعضهم الأيسر له دون النظر في الحكم كما هو الحال في السعي في الطابق العلوي.

وعليه فالخوض في هذا الآن ليس مجدياً وفيه تضييع للأوقات، كما أنه ليس من الحكمة التسرع في إطلاق الأحكام واتخاذ موقف قد يندم عليه المرء مستقبلاً.

الوقفة الحادية عشرة:

ما العمل الآن وقد تم هدم المسعى القديم ولا يوجد إلا المسعى الجديد ومن العلماء من يفتي بجواز وإجزاء السعي فيه ومنهم من يفتي ببطلانه؟

والجواب أنه مادام الأمر كذلك فلا يخلو الأمر من حالات ثلاث:

1 - أن يكون المرء مقتنعاً بقول المانعين فلا يسعه خلافه ولا يجزئه السعي.

2 - أن يكون المرء مقتنعاً شرعاً لا هوىً بقول المجيزين فيقلدهم وكلٌّ يتحمل مسئولية فتواه.

3 - أن يكون متردداً ولم يظهر له رجحان أحد القولين فهذا الأولى في حقه الأخذ بالأحوط وبما عليه الأكثر علماً واتباعاً للسنة.

بقي أمرٌ آخر، وهو: هل هذا الاختلاف من الأمور الاجتهادية التي يسوغ فيها الخلاف ولا إنكار في مسائل الاجتهاد أم هو من المسائل التوقيفية المنصوص عليها؟

وهذا محله الوقفة الأخيرة.

الوقفة الأخيرة:

هذه المسألة المعضلة، والنازلة المجلجلة، من حيث النظر إلى النصوص الشرعية فهي مسألة توقيفية وليست اجتهادية فالسعي بين الصفا والمروة طولاً وعرضاً يكاد يكون محل اتفاق بين العلماء ولو خالف البعض فيه، ومن حيث توصيف الحال وهل المسعى الجديد يقع ضمن الصفا والمروة أم خارجهما؟ فمحل نظر وبحث واجتهاد وعليه يدور الخلاف.

وبالنظر إلى أدلة الفريقين تبين أن أقوى دليل لدى المانعين كما سبق ذكره شهود العيان عند بدء أول توسعة للمسعى بين عامي 1374هـ و 1378هـ وأقوى دليل لدى المجيزين شهود كبار السن الموجودين الآن، وهذه المسألة تحتاج إلى بسط ليس هذا محله، ولكن لا بأس في الاختصار لتتضح الصورة:

(1) أما شهود العيان فكان ذلك عام 1374هـ حيث شُكلت لجنة لمعاينة موضع المسعى ورفعت تقريرها لسماحة مفتي المملكة آن ذاك الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ والذي بناء عليه أصدر فتواه قائلاً: (تأملت قرار الهيئة المنتدبة من لدن سمو وزير الداخلية، وهم فضيلة الأخ الشيخ عبدالملك بن إبراهيم وفضيلة الشيخ عبدالله بن دهيش وفضيلة الشيخ علوي المالكي حول حدود موضع السعي مما يلي الصفا المتضمن أنه لا بأس بالسعي في بعض دار آل الشيبي والأغوات المهدومتين هذه الأيام توسعة، وذلك البعض الذي يسوغ السعي فيه هو ما دفعه الميل الموجود في دار آل الشيبي إلى المسعى فقط وهو الأقل، دون ما دفعه هذا الميل إلى جهة بطن الوادي مما يلي باب الصفا وهو الأكثر؛ فإنه لا يسوغ السعي فيه، فبعد الوقوف على هذا الموضع في عدة رجال من الثقات رأيت هذا القرار صحيحًا، وأفتيت بمقتضاه) (فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم 5/ 132)

والجدير بالذكر هنا أن اللجنة كما في تقريرها اصطحبت معها مهندساً وفنياً وقالت في نهاية التقرير: (هذا ما تقرر متفقاً عليه بعد بذلنا الوسع، سائلين من الله تعالى السداد والتوفيق) ثم وقع الجميع، وهذا يعني أن قرارهم هذا كان إجماعاً منهم كما أنهم بذلوا فيه وسعهم وطاقتهم.

وفي يوم الثلاثاء الموافق 10/ 2/1378هـ شُكلت لجنة أخرى من عدد من المشايخ وأعيان أهالي مكة وهم: الشيخ عبدالملك بن إبراهيم، والشيخ عبدالله بن جاسر، والشيخ عبدالله بن دهيش، والسيد علوي المالكي، والشيخ محمد الحركان، والشيخ يحيى أمان، وبحضور صالح قزاز وعبدالله ابن سعيد مندوبي محمد بن لادن لمعاينة مساحة الصفا والمروة، واستبدال الدرج بمزلقان، ونهاية أرض المسعى ومما جاء في تقرير اللجنة: (وبالنظر لكون الصفا شرعًا هو الصخرات الملساء التي تقع في سفح جبل أبي قبيس، ولكون الصخرات المذكورة لا تزال موجودة للآن وبادية للعيان، ولكون العقود الثلاثة القديمة لم تستوعب كامل الصخرات

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير