ولهذه الخصائص العظيمة كانت الصلاة فرضاً على المسلم فرضه الله سبحانه وتعالى وأمراً من عنده:
(قُل لعبادي الذي آمنوا يقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال) [إبراهيم: 31]
وكذلك:
(فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياماً وقعوداً وعلى جُنُوبِكم فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً مَوْقُوتاُ) [النساء: 103]
(وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين) [البقرة: 43]
(حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين) [البقرة: 238]
ويتوالى الأمر بالصلاة والإلحاح بها إلحاحاً شديداً بأساليب متعددة، حتى لا يبقى عذر لمن يريد أن يتفلت منها:
(وَالَّذِينَ يُمَسَّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ}) [الأعراف: 170]
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأصبحت يوماً قريباً منه ونحن نسير، فقلت: يا رسول الله! أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار، قال: " لقد سألت عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله عليه، تعبد الله ولا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤدي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ". ثم قال: " ألا أدلك على أبواب الخير: الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل في جوف الليل ". قال: ثم تلا: (تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم) [السجدة: 16]
حتى بلغ (يعملون). ثم قال: ألا أخبرك برأس الأمر كله وعموده وذروة سنامه؟! " قلت: بلى! يا رسول الله! قال: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد ". ثم قال: ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ " قلت: بلى! يا نبي الله! فأخذ بلسانه قال: " كف عليك هذا "، فقلت: يا نبي الله! وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: ثكلتك أمك يا معاذ! وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم " (2).
فالصلاة هنا في هذا الحديث الشريف: " عمود الأمر "، أيّ عمود الإسلام! وكان أول ما أوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل أن يعبد الله ولا يشرك به شيئاً، ثم تلا ذلك مباشرة: " وتقيم الصلاة "!
ثم جاءت التوصية على صلاة الرجل في جوف الليل، ثم تلا الآيات من سورة السجدة. ونذكر هنا الآيات من هذه السورة:
(إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خَرُّوا سُجداً وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون. تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون. فلا تعلم نفس ما أُخفي لهم من قُرَّة أعين جزاء بما كانوا يَعملون) [السجدة: 15 - 17]
ومن هذا العرض السريع الموجز ندرك أهمية فريضة الصلاة حتى كانت أهم ركن بعد الشهادتين في الإسلام، الإسلام الذي بني على أركانه الخمسة:
فعن ابن عمر رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:
(بني الإسلام على خمس: " شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، و إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان). [أخرجه: أحمد والشيخان والترمذي والنسائي] (3)
وقد جاءت كلمة الصلاة ومشتقاتها في تسع وتسعين آية، في أربعين سورة تقريباً من القرآن الكريم.
2ـ جمع النصوص المتعلقة بتارك الصلاة والمتخلف عنها:
لذلك نجد من خلال الآيات الكريمة أن التخلف عن الصلاة ليس من صفات المؤمنين، وإنما هو من صفات الذين يتبعون الشهوات فيضيعون الصلاة:
(فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيّاً) [مريم: 59]
ويوم القيامة يكون مصير تاركي الصلاة مصيراً مؤلماً خطيراً:
(كل نفس بما كسبت رهينة. إلا أصحاب اليمين. في جنات يتساءلون. عن المجرمين. ما سلككم في سقر. قالوا لم نك من المصلين) [المدثر: 38 - 43]
وأما المنافقون فإنهم يقومون إلى الصلاة وهم كسالى:
(إن المنافقين يُخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كُسالى يُراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلاً) [النساء: 142]
إذا كان القيام للصلاة بكسل هو صفة المنافقين، فما هو حال من يترك الصلاة كلية مدعياً أنه تركها كسلاً؟!
¥