[مساجدنا في صلاة الفجر: كيف حالها.؟]
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[08 - 01 - 08, 05:13 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه واتبع هداه إلى يوم الدين.
وبعد:
فإنَّ واقعنا المرَّ الأليم الذي نتجرع فيه غصص التفريط في شعائر الله يفرض علينا أن نتبصر بمواقع الزلل منا في فسحة الإمهال قبل ان تنقضي الآجال ونصير إلى الزوال فتكون الحسرة والوبال , وقد وجدت نفسي وبعضَ المسلمين لا يكاد يسلم لنا أسبوع أو شهر من تغيب فاضح بلا عذر شرعي عن جماعة المسلمين في صلاة الفجر و وبعضنا هداه الله لا تشهد له الأرض بوطأة قدمٍ ذهاباً للمسجد في هذه الفريضة -عياذا بالله- حتى أصبحت الصورة العامة في مساجد المسلمين تنبئ الناظر أن هذا الفرض أوجب وآكد في حق من انحنت ظهورهم واشتعلت لحاهم وروسهم شيباً فهم أكثر رواده المساجد في هذه الساعة ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم.!
فأين شبابنا عن صلاة الفجر.؟
إنهم وللأسف -إلا من رحم الله- ظالمون لأنفسهم يبيت أحدهم يبارز الله بمحارمه في ساعة التنزل الإلهي لا يستحي من الله يتراقص ويتمايل وينتهك الأعراض ويصول ويجول وكأن إنعام الله عليه بالشباب والفراغمن الشواغل والسلامة من العلل لا يُشكَرُ الله عليه إلا بهذا حتى إذا طلع النهار انقلب على وجهه حتى يعلف مما كتب الله من طعام يزيد به بنيته لتأكله النار -إن لم يتداركه الله برحمته- فكيف تنتصر أمةٌ هم شبابها الريُّ والشبع واللعب والتكاثر .. ؟
ومن شبابنا من يسهر حتى يأذن الفجر بالطلوع وينام ويمنيه الشيطان الرجيم بالاستيقاظ , وهيهات هيهات , ولا يشعر إلا وقد فودعته صلاة الفجر وداعاً لا لقاء بعده أبداً إلا بين يدي الله سبحانه وتعالى يحاسب عن تقاعسه وتصامم أذنه عن داعي ربه وعندها تكون الحسرة والندم ويعض على أصابعه من شدة الألم ,بينما لو كان على موعد إقلاع رحلةٍ أو تقديمٍ لوظيفة أو استقبال ضيف عزيز لما لذَّ له منامٌ, فلم كانت محاب الله ومراضيه أهون علينا من هذه الأمور.؟
يقول الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي -المدرس بالحرم النبوي الشريف- حفظه الله:
في شرح سنن الترمذي (بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ الْعِشَاءِ وَالْفَجْرِ فِي الْجَمَاعَةِ)
يقول-عليه الصلاة والسلام-: ((بشر المشّائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة)): قوله: ((في الظلم)) جمع ظلمة، والمراد بذلك: ظلمة الليل في أول الليل في صلاة العشاء، وظلمة آخر الليل حينما تكون صلاة الفجر، فدل على اختصاص هاتين الصلاتين بهذه الفضيلة المذكورة.
وقوله-عليه الصلاة والسلام-: ((بالنور التام يوم القيامة)): النور ورد عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أن الحسنات والطاعات تكون نوراً للمؤمن، فهي نورٌ للمؤمن في الدنيا ونورٌ له في قبره ونورٌ له في حشره ونشره بين يدي ربه، فأمّا كونها نوراً على الإطلاق فإن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال كما في الصحيح: ((الصلاة نور)) قال العلماء: إن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أخبر أن الصلاة نور، فهي نورٌ على الإطلاق، ويشمل ذلك نور الدنيا والآخرة؛ لأن قوله: ((نور)) نكرة والنكرة تفيد العموم ولذلك ترى المصلين وجوههم مشرقة مضيئة بخلاف من يترك الصلاة-نسأل الله السلامة والعافية- فعلى وجوههم قترة وعليها ظلمة المعاصي-نسأل الله السلامة والعافية-، وأمّا كون القبر ينور بالطاعة فيدل على ذلك ما ثبت في الحديث الصحيح عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه دخل على أبي سلمة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - وأرضاه- وقد فاضت روحه إلى ربه ومولاه، وقد شخص ببصره وعيناه فأغمض-صلوات الله وسلامه عليه- عينيه وقال: ((إن البصر يتبع الروح)) ثم سمع الصياح في داخل البيت فقال-عليه الصلاة والسلام-: ((لا تقولوا إلا خيراً فإن الملائكة يؤمّنون على ما تقولون))، ثم قال-عليه الصلاة والسلام-: ((اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يا رب العالمين وأفسح له في قبره ونوّر له فيه)): فأخبر-صلوات الله وسلامه عليه- بأن القبور تنور ويكون نورها على قدر الطاعات والخير والاستقامة من العبد؛ لكن
¥