[المجرم المسجون , هل يؤجر المسلم بزيارته أم لا.؟]
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[10 - 01 - 08, 08:22 م]ـ
قد يعتب البعض أو يستغرب من صيغة السؤال , لكنه ينبئ عن واقع البعض منا , الذين أصبحو يوصدون أبواب الرحمة في وجوه العصاة , وما إن يقع المسلم في هنة أو زلة ويشاء الله أن يفضح أمره ويدخل السجن حتى تبدأ كلمات السخرية والشماته , ولربما نُعت بعد قضاء مدته ب (خريج السجون) وتواصى الناس بترك مجالسته إلى غير ذلك مما هو كفيل بخروج العبد من الدين وكراهيته لأهله -إن لم يعصمه الله من كيد الشيطان ووسوسته- ولا أريد أن أطيل فهذا سؤال في هذا الموضوع اجاب عنه فضيلة الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي - المدرس بالحرم
النبوي الشريف - حفظه الله.
ــــــــــــ
السؤال: هل في زيارة المسجون لجريمة ارتكبها يحصل للزائر أجر ومثوبة؟
الجواب:
المسجون من أحوج الناس إلى الزيارة، وكونه يرتكب ذنباً ومعصيةً لا يمنع من حقه علينا أن نزوره وننصحه ونذكره بالله عز وجل خاصة إذا كان من الأقربين - خاصة إذا كان الذي يزور من طلاب العلم والدعاة الذين يؤثرون - إذا كان المجال يسمح له ذلك ونفسه تعينه؛ لأن نفوس الناس تختلف، والمقصود:
أن زيارة السجن لقريب أو صديق - لا قدر الله - وقع في معصية تزوره وتنصحه وتأمره بالخير وتنهاه عن الشر، فهذا أمر فاضل وفيه الأجر وفيه المثوبة - ولا شك - أنه قد يكون سبباً في توبته وسبباً في صلاحه، وكذلك إذا كان قريباً له حق كالأخ والقريب تزوره وتسلم عليه وتنصحه وتذكره بالله، وتتألم أنه وقع في هذه المعصية حتى ولو لم يتب، تظهر له الألم وتظهر له الحزن، فإذا رأك تألمت بعض الناس يموت قلبه فلا يتألم فيحيا بغيره، قد تجد الرجل قاسي القلب لا يتأثر فإذا سمع من بكى بكى! وإذا وجد من اشتكى اشتكى! فهذا له أثر.
والحقيقة من الأمر المهم ألا ننظر إلى العصاة وكأننا أفضل منهم وكأننا أحسن منهم، فلا أحد يعلم ماهي الخاتمة؟ ولا أحد يعلم ما هي العاقبة؟
والموفق السعيد - دائماً - يتهم نفسه أنه أحوج الناس إلى رحمة الله، وأفقر الناس إلى لطف الله عز وجل , تزوره وتتعظ تزوره تعتبر، بل أعرفُ من الأخيار من كان يأخذ أولاده إلى السجن لزيارة من يقع من أقاربه أو ممن يعرفه حتى يرى ابنه ويتأثر ويتعظ ويكون هذا له زجر ونوع من الأثر على نفسه، فعلى كل حال مشاهدة العقوبة تردع، ولذلك أمر الله بجلد الزناة أمام الناس: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ} لما فيها من الزجر والعقوبة للقلوب الحية.
والوصية الأخيرة - كما ذكرنا -: أنه ينبغي علينا أن لا نتعالى على الناس، وأن لا نعتقد أننا سالمون، فكم من عبد يذنب ذنباً واحداً فيفضحه الله بهذا الذنب فيغفر ذنبه بالعقوبة ويرفع درجته بالأذى والضرر الذي يتبعه من هذا الذنب ويعلي منزلته بذلك فيصلح بقية حياته!.
وكم من شخص كثير الحسنات ولكن عنده غيبة أو نميمة أو كلام في الصالحين أو أذية لأولياء الله المتقين قد يكون هالكاً وهو لا يشعر!
الأمور كلها مردها إلى الله، والله يقول: {لاَ يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ} مع أنهم عصاة، مع أنهم مذنبون، فعلى كل حال ينبغي للإنسان ألا يُقَنِّطَ إخوانه من رحمة الله.
ومما أذكره: أن أحد طلبة العلم ذات مرة كان راجعاً إلى المدينة، فقيل له: لو زرت السجون - وكانت زيارته غير مترتبة - فتعظ أو تذكر أهلها، فصلى، قال: صليت معهم الظهر ولما صليت الظهر وجدتهم مشتتين متفرقين في المسجد لأنهم يائسون متأثرون، وإذا جاءهم الواعظ كأنهم ينظرون أن هناك فجوات بينهم، فاستفتح كلامه وقال: - يا إخوان - كلنا مذنبون وكلنا مقصرون، منا من ستر الله ذنبه وستر عيبه، ومنا من كشف الله ستره لحكمةٍ يعلمه-سبحانه-، ما أنا بأفضل منكم أو أشهد على نفسي أني خير منكم .. وبدأ معهم بقضية: أنه أنا وأنتم في دين الله وشرع الله في الإسلام اجتمعنا على كلمة الإسلام منا من اساء وأذنب وقد تكون عندي ذنوب وأنتم لا تعرفونها؛ ولكن الله ستر من ستره، وفضح من فضحه. فأقبلوا عليه أفواجاً وتقاربوا، وبدأ يحدثهم وبدأ يعظهم، وبدءوا يبكون،
¥