[الضابط في التفريق بين الصغائر والكبائر مع أمثلة لتقريب الفهم]
ـ[أبو عاصم المسلم]ــــــــ[19 - 01 - 08, 11:44 م]ـ
الضَابِط فيِ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الصَّغَائِرِ وَ الكَبَائِرِ مَعَ أَمْثِلَة لِتَقْرِيبِ الفَهْمِ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
الكثير منا يتسائل عن الفرق بين الصغائر والكبائر، فمنهم من جعل كل ذنب كبيرة ومنهم
من جعل الكبائر سبعا (ويستدلون بحديث السبع الموبقات) ومنهم من جعلها مبهمة حتى تجتنب ومنهم من جعل لها حدا معينا (كمئة أو تسع وتسعين أو غيرها) وكل هذه
الأقوال لا تفي بالغرض ولا تستند إلى مستند شرعي لا من كتاب ولا من سنة.
لهذا أردت أن أبين الفرق بينهما والبجث عن ضابط للتمييز بينهما حتى يتضح الأمر وينجلي.
ولم أكثر من البحث لقلة بضاعتي فاكتفيت بتفصيل مفيد لشيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- سأنقله مع يسير تصرف، وبعدها أذكر الأمثلة من الكتاب والسنة لتقريب الفهم أكثر.
قال شيخ الإسلام –رحمه الله- (الفتاوى 650 - 651 - 652 - 653 - 654 - 655 - 656 - 657/ 11) بعدما سئل عن الكبائر هل لها حد تعرف به وعن الصحيح من الأقوال فيها، فقال –رحمه الله-: " الحمد لله رب العالمين، أمثل الأقوال في هذه المسألة القول المأثور عن ابن عباس، وذكره أبو عبيد، وأحمد بن حنبل، وغيرهما وهو: أن الصغيرة ما دون الحدين: حد الدنيا، وحد الآخرة. وهو معنى قول من قال: ما ليس فيها حد في الدنيا. وهو معنى قول القائل: كل ذنب ختم بلعنة، أو غضب، أو نار، فهو من الكبائر.
ومعنى قول القائل: وليس فيها حد في الدنيا، ولا وعيد في الآخرة، أي [وعيد خاص] كالوعيد بالنار، والغضب، واللعنة، وذلك لأن الوعيد الخاص في الآخرة، كالعقوبة الخاصة في الدنيا، فكما أنه يفرق في العقوبات المشروعة للناس بين العقوبات المقدرة بالقطع، والقتل، وجلد مائة، أو ثمانين، وبين العقوبات التي ليست بمقدرة: وهي [التعزير] فكذلك يفرق في العقوبات التي يعزر الله بها العباد في غير أمر العباد بها بين العقوبات المقدرة: كالغضب، واللعنة، والنار، وبين العقوبات المطلقة.
وهذا [الضابط] يسلم من القوادح الواردة على غيره، فإنه يدخل كل ما ثبت في النص أنه كبيرة: كالشرك، والقتل، والزنا، والسحر، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات، وغير ذلك من الكبائر التي فيها عقوبات مقدرة مشروعة، وكالفرار من الزحف، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا، وعقوق الوالدين، واليمين الغموس، وشهادة الزور؛ فإن هذه الذنوب وأمثالها فيها وعيد خاص.
(قلت: شرع –رحمه الله- في ذكر بعض الأمثلة وستأتي قريبا بعد نقل كلامه) ... وكذلك كل ذنب توعد صاحبه بأنه لا يدخل الجنة، ولا يشم رائحة الجنة، وقيل فيه: من فعله فليس منا، وأن صاحبه آثم، فهذه كلها من الكبائر ... " اهـ
قلت: ثم شرع رحمه الله في الرد على من أ‘طى ضوابط أخرى غير مستندة إلى دليل شرعي، وقد ذكرت بعضها سابقا.
ويستخلص من كلامه –رحمه الله- أن الضابط في التفريق بين الصغائر والكبائر هو:
أن الكبائر ما جاء فيها وعيد (في الدنيا أو الآخرة أي وعيد خاص في الآخرة) أو حد (في الدنيا أو الآخرة) أو لعنة، أو غضب.
وما دون ذلك (أي ليس فيها لا وعيد ولا حد ولا لعنة ولا غضب) فهو من الصغائر.
ولتقريب الفهم أكثر أعطي بعض الأمثلة (مختصرة جدا) بناءا على الضابط الذي وضعه شيخ الإسلام -رحمه الله-.
1 - نبدأ بالشرك:
الوعيد.
قال عز وجل: (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) [المائدة: 72]
فيه وعيد بعدم دخول الجنة والخلود في النار.والشرك أكبر الكبائر وفيه الحد في الدنيا بالقتل وفيه اللعن والغضب.والشرك لا يغفر لصاحبه إلا بالتوبه وهو محبط للعمل بخلاف باقي الكبائر.
2 - الزنا:
فيه حد في الدنيا
قال عز وجل: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [النور:2]
¥