[ضعف الطالب والمطلوب ... وتبارك الله علام الغيوب؛ حديث الذباب وما فيه من أسرار وعجائب]
ـ[أبو معاذ الجابري]ــــــــ[26 - 01 - 08, 11:28 ص]ـ
ضعف الطالب والمطلوب ... وتبارك الله علام الغيوب
حديث الذباب وما فيه من أسرار وعجائب
1/ 2
قال تعالى:
(إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ) البقرة: 26
وقال تعالى:
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) الحج 73
قال ابن القيم: (إعلام الموقعين 1/ 181)
"وهذا المثل من أبلغ ما أنزله الله سبحانه في بطلان الشرك وتجهيل أهله وتقبيح عقولهم والشهادة على أن الشيطان قد تلاعب بهم أعظم من تلاعب الصبيان بالكرة حيث أعطوا الإلهية التي من بعض لوازمها القدرة على جميع المقدورات والإحاطة بجميع المعلومات والغنى عن جميع المخلوقات وأن يصمد إلى الرب في جميع الحاجات وتفريج الكربات وإغاثة اللهفات وإجابة الدعوات فأعطوها صورا وتماثيل يمتنع عليها القدرة على أقل مخلوقات الإله الحق وأذلها وأصغرها وأحقرها ولو اجتمعوا لذلك وتعاونوا عليه. وأدل من ذلك على عجزهم وانتفاء إلاهيتهم أن هذا الخلق الأقل الأذل العاجز الضعيف (قال الشاعر:أكَلَ العُقابُ بِقُوَّةٍ جِيَفَ الفَلا وَجَنى الذُبابُ الشهدَ وهو ضَعيفُ) لو اختطف منهم شيئا واستلبه فاجتمعوا على أن يستنقذوه منه لعجزوا عن ذلك ولم يقدروا عليه ثم سوى بين العابد والمعبود في الضعف"
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم – قَالَ
((إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِى إِنَاءِ أَحَدِكُمْ، فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ، ثُمَّ لْيَطْرَحْهُ، فَإِنَّ فِى أَحَدِ جَنَاحَيْهِ شِفَاءً وَفِى الآخَرِ دَاءً)) رواه البخاري
تعريف الذباب:
"الذُّبَاب بِضَمِّ الْمُعْجَمَة وَمُوَحَّدَتَيْنِ وَتَخْفِيف مفرد وَالْجَمْع ذِبَّان كِغِرْبَان، وَالْعَامَّة تَقُول ذُبَاب لِلْجَمْعِ وَلِلْوَاحِدِ ذُبَابَة بِوَزْنِ قُرَادَة، وَهُوَ خَطَأ. (الفتح لابن حجر)
قال الحافظ في الفتح:
قِيلَ سُمِّيَ ذُبَابًا لِكَثْرَةِ حَرَكَته وَاضْطِرَابه، وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو يَعْلَى عَنْ اِبْن عُمَر مَرْفُوعًا " عُمْر الذُّبَاب أَرْبَعُونَ لَيْلَة، وَالذُّبَاب كُلّه فِي النَّار إِلَّا النَّحْل " وَسَنَده لَا بَأْس بِهِ
[ورواه أبو يعلى في مسنده أيضا من طريق شيبان بن فروخ حدثنا سكين بن عبد العزيز عن أبيه (عبد العزيز بن قيس) عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره، وإسناده حسن .. والشطر الأخير منه صححه الإمام الألباني في صحيح الجامع.].
قَالَ الْجَاحِظ: كَوْنه فِي النَّار لَيْسَ تَعْذِيبًا لَهُ، بَلْ لِيُعَذَّب أَهْلُ النَّار بِهِ.
من أسرار وعجائب الذباب
"قَالَ الْجَوْهَرِيّ: يُقَال إِنَّهُ لَيْسَ شَيْء مِنْ الطُّيُور يَلَغُ إِلَّا الذُّبَاب.
وَقَالَ أَفْلَاطُون: الذُّبَاب أَحْرَص الْأَشْيَاء، حَتَّى إِنَّهُ يُلْقِي نَفْسه فِي كُلّ شَيْء وَلَوْ كَانَ فِيهِ هَلَاكه. وَيَتَوَلَّد مِنْ الْعُفُونَة. وَلَا جَفْن لِلذُّبَابَةِ لِصِغَرِ حَدَقَتهَا، وَالْجَفْن يَصْقُل الْحَدَقَة، فَالذُّبَابَة تَصْقُل بِيَدَيْهَا فَلَا تَزَال تَمْسَح عَيْنَيْهَا. وَمِنْ عَجِيب أَمْره أَنَّ رَجِيعه يَقَع عَلَى الثَّوْب الْأَسْوَد أَبْيَض وَبِالْعَكْسِ. وَأَكْثَر مَا يَظْهَر فِي أَمَاكِن الْعُفُونَة، وَمَبْدَأ خَلْقه مِنْهَا ثُمَّ مِنْ التَّوَالُد. وَهُوَ مِنْ أَكْثَر الطُّيُور سِفَادًا (جماعا)، رُبَّمَا بَقِيَ عَامَّة الْيَوْم عَلَى الْأُنْثَى. وأدنى الحكمة في خلقه أذى الجبابرة وقيل لولا هي لجافت الدنيا. [جافت:
¥