[تذكرة المسلمين باسباب تاخر نزول المطر من محمد بن ابراهيم]
ـ[ابو البدر الالمعي]ــــــــ[23 - 01 - 08, 05:52 م]ـ
تذكرة المسلمين
بأسباب تأخر نزول
المطر
كتبها مذكراً إخوانه سماحة الشيخ
محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف رحمه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضلين، سلما لأوليائك، حربا لأعدائك، نحب بحبك من أحبك، ونعادي بعداوتك من عاداك وخالف أمرك؛ اللهم هذا الدعاء، وعليك الإجابة، وهذا الجهد وعليك التكلان:
من محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف، إلى من بلغه هذا الكتاب من المسلمين، وفقنا الله وإياهم لقبول النصائح، وجنبنا وإياهم أسباب الخزي والفضائح، آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أما بعد: فقد رأيتم الواقع، وهو تأخر نزول الغيث عن إبانه، وقحوط المطر وعدم مجيئه في أزمانه، ولا ريب أن سبب ذلك هو معاصي الله، ومخالفة أمره بترك الواجبات، وارتكاب المحرمات.
فإنه ما من شر في العالم ولا فساد، ولا نقص ديني أو دنيوي، إلا وسببه والمخالفات، كما أنه ما من خير في العالم، ولا نعمة دينية أو دنيوية، إلا وسببها طاعة الله تعالى، وإقامة دينه.
قال الله تعالى: ((وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ))، فإن معنى الآية: ((وَمَا أَصَابَكُمْ)) أيهاالناس ((مِنْ مُصِيبَةٍ))، في الدين أو في الدنيا، في أنفسكم وأهليكم وأموالكم ((فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ)) يعني: إنما يصيبكم ذلك عقوبة لكم، بما اجترحتموه من الآثام، فيما بينكم وبين ربكم،)) ويعفوا)) لكم ربكم ((عن كثير)) من إجرامكم، فلا يعاقبكم بها، فإنه تعالى لو عاقب عباده بإجرامهم، ما بقي على ظهرها من دابة، كما قال تعالى ((وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ)).
قال الحسن رحمه الله: لما نزلت هذه الآية ((وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ)) قال النبي e: والذي نفسي بيده لا يصيب ابن آدم خدش عود، ولا عثرة قدم، ولا اختلاج عرق، إلا بذنب، وما يعفو الله عنه أكثر.
وقال علي رضي الله عنه: ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رفع إلا بتوبة.
وفي دعاء العباس، عم النبي e حين استسقى به عمر، والصحابة رضي الله عنهم، عام الرمادة: اللهم إنه لا ينْزل بلاء إلا بذنب، ولم يكشف إلا بتوبة، وهذه أكفنا إليك بالذنوب، ونواصينا إليك بالتوبة، فأسقنا.
وفي الحديث: إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه.
وقال تعالى ((وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)).
وقال تعالى في حق أهل الكتاب ((وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالأِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ))، يعني: لأنزل الله عليهم من السماء قطرها، وأخرجت لهم الأرض ثمارها. وقوله ((وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ))، فإنه يعني: لأكلوا من بركة ما تحت أقدامهم من الأرض، وذلك ما تخرجه الأرض من حبها ونباتها، وثمارها، وسائر ما يؤكل مما تخرجه، قال ابن عباس ((وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالأِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ))، يعني لأرسل السماء عليهم مدرارا ((وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ))، تخرج الأرض بركتها. جاء في تفسير، قوله تعالى ((وَيَلْعَنُهُمُ اللاّعِنُونَ))، عن مجاهد قال: إذا أسنت السنة، قالت البهائم: هذا من أجل عصاة بني آدم، لعن الله عصاة بني آدم. وعن مجاهد أيضا، قال: تلعنهم دواب الأرض، وما شاء الله، حتى الخنافس والعقارب، تقول نمنع القطر بذنوبهم.
وروى ابن ماجه في سننه، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: كنت عاشر عشرة رهط من المهاجرين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل علينا بوجهه، فقال: يا معشر المهاجرين، خمس خصال وأعوذ بالله أن تدركوهن، ما ظهرت الفاحشة في قوم حتى أعلنوا بها، إلا ابتلوا بالطواعين والأوجاع، التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا. ولا نقص قوم المكيال إلا ابتلوا بالسنين، وشدة المؤونة، وجور السلطان.
¥