[مفاتيح العلماء]
ـ[أبو حازم الكاتب]ــــــــ[23 - 01 - 08, 02:38 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
كثيراً ما نجد في بعض المؤلفات والكتابات لا سيما عند المعاصرين استدراكات وتنبيهات وإيراد إشكالات وتناقضات عند أهل العلم المتقدمين فنجد من يقول: (أخطأ ابن تيمية في كذا) أو (تناقض ابن القيم في هذه المسألة) أو (هذا مما وهم فيه ابن عبد البر) أو (غلط الحافظ ابن حجر) أو (هذا الكلام من النووي فيه إشكال) ونحو ذلك من العبارات.
ثم إذا رجعت إلى نصوص هؤلاء العلماء المحققين لم تجد فيها إشكالاً ولا تناقضاً ولا خطأً ولا غلطاً ولا وهماً ولا ما يوجب الاستدراك وإنما وقع كل ذلك في ذهن المتكلم فظنه كذلك في واقع الحال نظير ما يحدث عند من يعترض على نصوص الكتاب والسنة ويورد عليها الاعتراضات والإشكالات التي تقع في ذهن المرء لا في واقع الأمر وإن كان الوحي لا يرد عليه الخطأ قطعاً لكن وجه الشبه هنا هو في وقوع الخطأ في الفهم لنصوص الوحي ونصوص العلماء.
أما ما يتعلق بنصوص الكتاب والسنة فقد تكلم العلماء في هذا كثيراً وهو مبثوث في كتب التفسير وشروح الأحاديث والمصنفات الخاصة في ذلك كالمؤلفات في مشكل القرآن ومشكل الحديث والجمع بين ما ظاهره التعارض وكتب الناسخ والمنسوخ وغير ذلك.
وأما ما يتعلق بنصوص العلماء فهناك كتب تهتم بمثل ذلك لا سيما كتب العلماء عن الأئمة الأربعة وذلك لكثرة أتباعهم ومع هذا يبقى من يستدرك كما سبق على الأئمة الأربعة وغيرهم بسبب سوء الفهم ولذلك أحببت أن أشير إشارة سريعة إلى ما يعين في هذا الباب ويحمي طالب العلم من الزلل والعجلة في هذا الباب فأقول:
أولاً: يجب على القاريء لكتب أهل العلم أن يكون على مستوى من التحصيل العلمي فيما يريد قراءته من الكتب المتخصصة في علوم الشريعة وذلك بالتتلمذ على أهل العلم ليكون ملماً بمسائل هذا الفن فيدرس متناً معينا أو كتاباً في ذلك الفن ليستوعب أصول مسائله وأبوابه ومباحثه فتكون عنده القدرة بعد ذلك على قراءة الكتب المتخصصة في هذا الفن وهذا لا يتحقق غالباً إلا بالتتلمذ على الشيوخ؛ لأنه كما قيل: (كان العلم في صدور الرجال ثم انتقل إلى الكتب ومفاتحه بأيدي الرجال) والكتب وحدها لا تفيد الطالب منها شيئا دون فتح العلماء وهو مشاهد معتاد، ولذلك نجد الخطأ يكثر عند من تتلمذ على الكتب دون العلماء أكثر من غيرهم فيحصل عندهم من الشذوذ في الفهم والشذوذ في الفتيا ما لا يحصل عند من تتلمذ على العلماء.
ثانياً: أن يكون عارفاً باصطلاحات ذلك الفن العامة أو الخاصة بمذهب معين يريد قراءة كتاب عالم تابع لذلك المذهب ليدرك المراد بها في كتب أهل العلم مما يريد قراءته فيعرف مثلاً ما المراد بالحديث الصحيح والحسن والضعيف والشاذ والمرسل والمعلق ونحو ذلك من الاصطلاحات إذا كان يقرأ في كتب الحديث وعلومه، ويكون عارفاً بمعنى واجب ومستحب ومحرم ومكروه ومباح والوجه والصحيح والأصح والظاهر والتخريج والقول والمذهب والمعتمد ونحو ذلك إذا كان يريد قراءة كتاب في الفقه وقل مثلك ذلك في أصول الفقه والعقيدة والتفسير والنحو.
هذان الأمران عامان في قراءة كتب العلماء بدون تحديد ويبقى بعد ذلك النظر في ذلك العالم المعين الذي يريد قراءة كتاب له أو مواضع من كتابه أو مسألة له فينبغي له ما يلي:
1 - أن يكون عالماً بأصول ذلك الإمام التي يعتمد عليها ويرجع إليها في العقيدة وفي الفقه ليدرك كيف فرع تلك المسألة على هذا الأصل فيفهم المسألة فهماً صحيحاً فمثلاً يعرف عقيدة المؤلف هل هو سني أو أشعري أو غير ذلك؟ وما هو مذهبه الفقهي؟ وما هي آراؤه الأصولية؟ وهل هو مقلد في المذهب في أصوله وفروعه أو له آراء واجتهادات فكل هذا يعطي تصوراً لقول ذلك المؤلف في تلك المسألة ويزيل ما قد يظنه مشكلاً.
¥